انقسمت «الحكومة المستقيلة» على مستوى مشاغل وزرائها، فالبعض ذهب يصرّف الاعمال في الاطار الضيق من الجنوب، تحت شعار «كلنا للجنوب» في اطار ترويجي سياحي، وآثر البعض الاخر المشاركة في جلسة اللجان النيابية المشتركة، التي بعد التجربة وجدت التبرير لعجزها عن اقرار مشروع قانون «الكابيتال كونترول» المعروف بقانون وضع ضوابط مؤقتة واستثنائية لكل التحاويل والسحوبات المصرفية، وهو العجز الثاني بعدما لم تتمكن من اقراره لا في ايام حكومة حسان دياب، ولا في ايام حكومة «معاً للانقاذ» التي يرأسها الرئيس المكلف بتأليف حكومة جديدة نجيب ميقاتي، الذي لم يخفِ تفاؤله امس، بإمكان تشكيل حكومة تجنب البلد الفراغ، وتحول دون الوصول الى الفوضى التي تهدّد ما تبقى من مقومات بعد المشاهد الدامية التي شهدتها بغداد ليل امس الاول، وتغلبت لغة العقل، لدى عدد من قياداتها للخروج من الشارع، تجنباً لما هو أخطر..
ومن هذه الوجهة، يشدد مصدر مطلع ان المهم الآن، بعد تعليق مشاريع معالجة الازمة المتمادية، الالتفات بقوة الى موضوع تأليف حكومة جديدة، تحظى بثقة مجلس النواب.
وفي معلومات «اللواء» ان اللقاءات التي عقدها الرئيس نبيه بري مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، تطرقت بقوة الى الملف الحكومي، وضرورة منح اي تشكيلة جديدة الثقة.
وفي الخلفية ان حجم الازمة التي يمكن ان يتسبب بها «التهور العوني» في حال بقيت حكومة تصريف الاعمال وحدها في الواجهة لملء الفراغ الرئاسي، حيث يتصرف كثيرون وكأنه من قبيل تحصيل الحاصل.
ووفقاً للمعلومات، فإنه بعد كلمة الرئيس بري في مهرجان الامام الصدر في صور، ستتوضح الية التحرك، على الرغم من بدء سريان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
إلا أن مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة، أشارت إلى ان الوساطات والاتصالات، لاعادة تحريك مسار تشكيل الحكومةالجديدة إلى الأمام، لم تؤدِ إلى نتائج ايجابية،بل على العكس، عادت إلى الوراء، بعد حملات التهويل والتصعيد المتتالية لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ،ضد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، ومن ورائه الثنائي الشيعي، ما ينعكس سلبا على عملية التشكيل، وقد يطيح بالعملية كلها، اذا بقيت الامور على حالها، وقالت: «ان باسيل فضح نفسه عندما هدد بافتعال مشكل كبير»، كما سماه، اذا لم تسير الامور على هواه وحسب مصلحته الخاصة، ولم يتم تشكيل حكومة جديدة ،استنادا الى مطالبه وشروطه الخاصة.
ولاحظت المصادر ان باسيل يتجاهل الدستور وكأنه غير موجود أو يريد تطويعه لمصلحته، ويعتقد أنه بانتهاج التهويل، يحصل على مايريد، كما جرى سابقا، ولكن قد يكون أخطأ هذه المرة، لانه من الصعب، ان لم يكن من المستحيل الاستجابة لشروطه ومطالبه.
واعتبرت المصادر ان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي كان يوجه حملته باتجاه ميقاتي ظاهريا،الا أنه كان يستهدف من خلاله الثنائي الشيعي، باعتباره دعم تسمية الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة، ولا يزال يدعمه، في مواجهة باسيل،بينما المطلوب من حليفه حزب الله، ممارسة ضغوط قوية على ميقاتي ،لحمله على الاستجابة لمطالب باسيل بالحصول على يطمح اليه بالحقائب والمواقع الوزارية، وتسهيل تنفيذ مطالبه بالتعيينات والاقالات بالوظائف القيادية، ورفع الغطاء السياسي عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تمهيدا لاقالته.
واضافت المصادر ان ما يزعج رئيس التيار الوطني الحر، هو الصمت المطبق لحليفه حزب الله بخصوص الاستحقاق الرئاسي، وعدم مفاتحته حتى اليوم بكيفية التعاطي مع هذا الاستحقاق، والاسس التي سيخوض معركة انتخاب رئيس الجمهورية استنادا اليها، ما يزيد بالشكوك لديه بأن الحزب قد اختار الشخصية التي سيدعمها، بمعزل عن التشاور أو الاتفاق المسبق معه.
واعتبرت المصادر ان حملات التصعيد المتواصلة بشكل شبه يومي من قبل باسيل اصبحت مكشوفة لتحقيق اكثرمن هدف،اولها الحصول على حصة وزارية وازنة بالتشكيلة الوزارية المرتقبة، وثانيا، ان يكون شريكا اساسيا بتسمية الرئيس المقبل للجمهورية وثالثا، حجز مساحة بارزة للتيار العوني بالتركيبة السلطوية المقبلة، مع إعطاء ضمانات بعدم تعرض العهد الجديد للرموز البارزة بالتيار او فتح ملف اي منهم .
ولاحظت المصادر انه بالرغم من محاولات حزب الله، تقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، لتاليف الحكومة، الا انها تعتبر تزامن التصويب على الحزب وحليفه الرئيس نبيه بري باستمرار، مؤشرا غير محمود لتحميله مسؤولية مباشرة لفشل عهد ميشال عون، وهذا مرفوض، وترتب عليه فتور بالعلاقات، وبرودة لافتة في دعم مطالب وشروط باسيل بتشكيل الحكومة.
نيابياً، كان يوم امس يوم مشروع قانون الكابيتال كونترول، داخل مجلس النواب حيث تعثر إقراره كما كان متوقعاً نتيجة رفض معظم الكتل النيابية إن لم يكن كلها له بالصيغة الراهنة لأنه لا يحمي المودعين بل المصارف. وخارج المجلس بإعتصام المودعين، وجرى توافق في اللجان النيابية على الطلب من الحكومة إرسال خطة التعافي للبحث فيها مع مشروع الكابيتال كونترول.
وطالب بعض النواب بإلزام حاكم المصرف المركزي رياض سلامة حضور الجلسات المدعو إليها، فأجاب نائب رئيس المجلس الياس بو صعب: سنرى ما هي الآلية. فعلّق النائب جبران باسيل: «ما عم تقدروا تجيبوه على القضاء بدّكم تجيبوه على المجلس؟».
الوضع الحكومي
وعلى الصعيد الحكومي توقع عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم «عقد لقاء قريب بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمكلف نجيب ميقاتي»، مشيراً إلى أن «هناك جهودا كثيرة ومتواصلة لإنجاز المهمة الحكومية، إذ ان تمهيد الطريق أمام هذا الاستحقاق يمكن أن يسهل الوصول إلى انتخابات رئاسية، والرئيس بري متفائل دائما بإمكان التوصل إلى نتائج إيجابية.
اما الرئيس ميقاتي فأكد ان علاقته برئيس الجمهورية جيدة. وشرح ميقاتي في دردشة سريعة مع موقع «الانتشار»، المراحل والمحطات التي مرت بها عملية تشكيل الحكومة منذ تكليفه، مشيراً إلى أنه وفي زحمة الانتخابات النيابية في شهر أيار الماضي، ولدى سؤال الرئيس عون له عن الحكومة المقبلة، سارع إلى الاجابة بصراحة قائلا انه لا يتوقع أن تكون هناك حكومة بعد الانتخابات لأن أحداً لن يرضى بتشكيل «واحدة على ذوقك تكمل مسيرة العهد».
ونفى ميقاتي ما يشاع عن عدم استعداده لتأليف حكومة، مؤكداً أنه لو لم يكن راغباً بذلك لما قدم تشكيلة فور الانتهاء من الاستشارات النيابية غير الملزمة، وهذه التشكيلة، وخلافا لما يزعم البعض، ليست منزلة بل قابلة للأخذ والرد بينه وبين رئيس الجمهورية.
وعن البيان الذي صدر عن المجلس الإسلامي الشرعي الاعلى، كشف ميقاتي انه “اطلع عليه بعد صدوره وثمن مضمونه. وقال: ان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عمل على ان يكون البيان هادئاً موضوعيا، فيما كانت أصوات عدد كبير من الأعضاء توده حاداً ومباشرا في الرد على رئاسة الجمهورية.
وعن الفيول الإيراني المقدم كهبة، قال ميقاتي: انه مرحب به وهناك لجنة فنية تدرس مواصفاته فإذا ما وجدته مطابقا سنقبل الهبة.
وفي موضوع الترسيم، يقول ميقاتي انه سيحصل علماً ان موضوع الاخذ والرد طبيعي في مثل هذه الحالات.
وختم قائلاً: اولويتنا العمل على انقاذ البلد وتشكيل الحكومة، اما الجدال والسجال فله هواته وليقولوا ما يشاؤون فالحقائق واضحة والدستور واضح.
جلسة اللجان
وقبل بدء جلسة اللجان، قطع مودعون محتجون الطريق أمام مدخل مجلس النواب .وقد انضم إليهم كل من النواب: نجاة عون، حليمة قعقور، ابراهيم منيمنة، مارك ضو، وسينتيا زرازير قبل دخولهم إلى المجلس لحضور الجلسة.
ثم عُقدَ اجتماع لنواب التغيير في مجلس النواب، قال بعده النائب ابراهيم منيمنة : ان مشروع قانون الكابيتال كونترول يأتي بمقاربة وصيغة خطرة تنبىء بما لا تحمد عقباه. ان هذا التطور يدفعنا إلى دق ناقوس الخطر، ودعوة الرأي العام للتأهب ازاءه، والذي تتجاوز تداعياته الوضعية القانونية لأموال المودعين، على أهميتها الشديدة ، لتطال احتمالات نجاح مسار التعافي الاقتصادي وإمكان الشروع بتصحيح مالي جدي، بهذا المعنى، بات من الاكيد اننا لم نعد نتوجس فقط من تطبيع عملية السطو على اموال المودعين عبر هذه القانون فحسب،بل بتنا على ثقة ان هذا القانون سيسهل ابقاء البلاد في وضعية الانهيار اللامتناهي.
وطالب النائب الصادق برد قانون الكابيتال كونترول إلى الحكومة وإعطائها مهلة للعمل على خطة إقتصادية متكاملة.
اما بعد الجلسة فقال نائب رئيس المجلس الياس بو صعب: النواب أجمعوا اليوم على إيجاد حلّ يعطي الاولوية للحفاظ على أموال المودعين والحفاظ على المصارف وأحيّي جميع النواب الذين تعاطوا بمسؤولية مع الملف والأساس بالنسبة لهم مصلحة المودعين.
اضاف: استمعنا للآراء العامة بالنسبة للكابيتال كونترول وهناك توافق على الآلية التقنية لتطبيقه.
وتابع: أنا منحاز للمودعين ولستُ من حزب المصارف، ولكن في التقرير لا يُمكن أن أضع وجهة نظري وإنما ملاحظات الخبراء. وهناك مصارف لا تزال تحوّل أموالا الى الخارج بطريقة استنسابية.
ورأى ان «ما يُعمل عليه اليوم في المجلس النيابي صعب، لأنّه لا يجوز السماح بتفليس المصارف، وخطّة التعافي تتطلّب عدّة قوانين مترافقة معها كقانون اعادة هيكلة المصارف.
واكد وجود إتفاق على إيجاد حلّ يحفظ حقوق المودعين ويحافظ بالحدّ الأدنى على وجود المصارف.
ورداً على سؤال عن عدم حضور حاكم المصرف المركزي للجلسة قال: لا نستطيع كمجلس نيابي الطلب من حاكم مصرف لبنان حضور الجلسة
وقال عضوكتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض: ناقشنا الموضوع في السابق ونناقشه حالياً من زاويتين: زاوية حماية اموال المودعين، وزاوية وقف الاستنسابية التي تمارسها البنوك في عملية التحويل من الداخل الى الخارج. في ما يتعلق بالسحوبات لتحصيل المودعين على ودائعهم من البنوك، الحكومة مطالبة بأن تحول في اسرع وقت ممكن خطة التعافي بنسختها الاخيرة، وتحول ايضا ما تبقى من تشريعات وتحديدا التشريع الرابع المتعلق بإعادة هيكلة المصارف حتى ننتقل الى مناقشة الكابيتال كونترول.
سجل امين سر كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي أبو الحسن الملاحظات التالية: صحيح اننا نؤكد حرصنا على ما تبقى من النظام المصرفي الذي يعتبر ركيزة أساسية في نظامنا المالي والإقتصادي إلى انه من غير المقبول تقديم مسألة حماية المصارف من المقاضاة على ما عداها من حقوق للمودعين في ضمان ودائعهم والسحوبات.
وقال: إن أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي يفترض:
أ – إقرار الموازنة وهذا يتطلب توحيد سعر الصرف وحسم مسألة ما يسمى بالدولار الجمركي.
ب – إقرار خطة التعافي الإقتصادي
ج – قانون السرية المصرفية المطلوب توقيعه من رئيس الجمهورية.
إن تحديد سقف السحوبات بمبلغ ١٠٠٠ دولار شهرياً او ما يعادله بالليرة اللبنانية هو أمر غير مقبول وغير واقعي على الإطلاق ومرفوض.
وعلق النائب مروان حمادة من المجلس على الجلسة بالقول: ان البلد لم يعد بحاجة الى قوانين، فالقوانين مكدسة في ملف الرئيس بري.
وكتب النائب جبران باسيل عبر حسابه على «تويتر: «مرة جديدة بعد ٣ سنين، نفشل في تشريع ضبط التحويلات المالية للخارج، اضافة لعدم اقرار قانون استعادة الاموال المحوّلة للخارج. يبدو ان التمسك بابقاء الاستنسابية بتحويل اموال بعض المودعين المحظيين، وبابقاء النزيف المالي لا زال اقوى منا. لا ارادة سياسية للاصلاح، ولا أكثرية له في المجلس.
وغرّد نائب رئيس الحكومة السابق عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غسان حاصباني عبر «تويتر» كاتباً: قانون الكابيتال كونترول بشكله ومضمونه وتوقيته هو بمثابة تأميم لأموال المودعين، ونحن نرفضه في غياب خطة تعاف متكاملة، تعالج تحديد الخسائر وتوزيعها وجدولة اعادة حقوق المودعين لدى المصارف.
وقبيل انطلاق الجلسة، قال عضو كتلة «الكتائب» النائب نديم الجميل: لدينا ملاحظات أساسية على كيفيّة طرح موضوع الكابيتال كونترول فالحكومة لا تأتينا بخطّة واضحة وشاملة ولا يمكن أخذ الاقتراحات والقوانين «بالمفرّق. لا توجد خطّة شاملة لإعادة تعافي الاقتصاد الوطني وهذه المشكلة الأساسية.
Discussion about this post