قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، بعد أن تمت إدانته غيابيًا وبشكل مريب، كمجرم حرب في محكمة ولاية فرجينيا الأمريكية مؤخرًا، بدأت بعدها واشنطن بتمهيد الطريق لاستغلال هذا الحكم كذريعة أمام القانون الدولي، لتصفيته وتنحيته عن المشهد السياسي في ليبيا، ولكن العائق الوحيد الذي تواجهه لتحقيق ذلك، هو الحصول على موافقة حليفته الرئيسية، موسكو.
حيث انتشرت أنباء من مصادر مختلفة عن اجتماعات سرية مُزمع عقدها بين وفدين روسي وأمريكي في العاصمة الليبية، طرابلس، لبحث سبل تسوية الخلافات بين البلدين المتعلقة بالملف الليبي، وللحصول على ضوء أخضر من الروس، لتصفية المشير.
ووضحت المصادر بأن واشنطن وضعت سيناريو، يتمثل بتوجيه ضربة جوية يتبعها انزال وحدة كوماندوس أمريكية هدفها تصفية قائد الجيش الوطني الليبي، ومن ثم توجيه عدسات الإعلام على هذه العملية الخاصة، وكأنها تصفية لأحد القادة الإرهابيين، كما فعلت سابقًا مع زعيم تنظيم داعش الإرهابي، وزعيم تنظيم القاعدة، كونه يعتبر “رسميًا” مجرم حرب، ومسؤولاً عن مقابر جماعية وحالات تعذيب وقتل في ليبيا.
والجدير بالذكر هنا، بأن روسيا توفر حماية بشكل كبير لجيش المشير حفتر، حيث قامت أنظمة الدفاع الجوي “بانتسير” الروسية، بإسقاط طائرة أمريكية مسيرة أواخر الشهر الماضي، أكدها تصريح للمتحدث الرسمي باسم المشير حفتر، اللواء أحمد المسماري، بأن وسائط الدفاع الجوي بالقيادة العامة دمرت طائرة مسيَّرة مسلحة بصاروخين، جنوب غرب منطقة بنينا ببنغازي.
تأتي هذه الأنباء في ظل أزمة مالية وقع بها المشير بعد أن فقد دعمه من الإمارات العربية المتحدة على خلفية فشله في السيطرة على طرابلس عام 2019، فقد توجه المشير لإدارة أعمال تهريب المهاجرين وتهريب النفط وتصدير الخردة إلى جانب التوسع في الاقتراض للحصول على مصادر جديدة للتمويل.
ولكن مع مرور الوقت واحتدام الأزمة السياسية في البلاد، ووصولها إلى مرحلة شبيهة بـ”الشلل السياسي”، وتأزم الوضع الاقتصادي العام، أصبح من الصعب على المشير اقتراض الأموال من المصارف التي كانت سابقًا تتعامل معه، وبحسب مصادر مقربة من المشير الحربي، رفض المصارف يعود لتوقفه عن سداد مستحقات وديون قديمة متراكمة عليه.
وهذا الأمر أكدته منشورات عديدة على مواقع التواصل الإجتماعي، قيل فيها بأن مصرف الوحدة يطالب علنية قائد الجيش الوطني بسداد الديون والقروض المتراكمة منذ “عملية الكرامة” أي منذ عدوانه على طرابلس عام 2019.
المنشورات أثارت سخطًا واسعًا بين الليبيين، كونه لا يخفى عليهم أن حاشية المشير معروف عنهم غناهم بالأموال والممتلكات، والتي بالطبع معظمها “مُختلس” ونتاج فساد عميق يتخلل المنظومة العسكرية والمؤسساتية شرقي البلاد، فلماذا الامتناع عن سداد القروض؟.
وهذه الأزمة المالية بدورها أثرت بشكل خطير على علاقات المشير مع موسكو، وتؤثر على استمرارية منظومته العسكرية، كونه توقف عن دفع مستحقات الحماية التي توفرها الدفاعات الصاروخية الروسية والقوات الموجودة شرقي البلاد بحسب ما نُشر مطلع العام، من مصادر مقربة من قيادة الجيش الوطني، فهذه العلاقات التي تضمن حمايته وتؤمّن نوعًا من توازن القوى مع معسكر غربي ليبيا المدعوم من قبل تركيا، لن تستمر طويلاً دون تمويل مناسب، وإلحاح بسيط من واشنطن في الاجتماعات المزعومة قد تسفر عن توقف الدعم الروسي وتنتهي بسقوطه.
Discussion about this post