توازياً مع النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة والقائم على فرض العقوبات، تسعى الدول المناهضة للهيمنة الغربية لإيجاد حلول تحصن اقتصادها للصمود بوجه أي من موجات عدم الاستقرار التي قد تضرب النظام الدولي. وتتصدر الصين قائمة الدول التي بدأت بالفعل بصياغة مسار آخر لعملتها، يجعلها أكثر استقلالا عن الدولار الأميركية.
تعمل بكين على تحويل اليوان إلى عملة رقمية. إذ أنشأت نظاماً يفتح أمام عملتها مجالا أوسع لتحقيق نوع من النفوذ.
ويعتقد عدد من المسؤولين الصينيين ان يتم الاعتماد بالمطلق على “أكبر مستورد ومقترض في العالم، أي واشنطن”. وبحسب مجلة إيكونوميست، فإن ما يعيق إتمام العملية هو تدفقات رؤوس الأموال التي لا تخضع للرقابة.
ويعتبر اقتصاديون تحدثوا إلى المجلة، ان القيود التي تفرضها الصين على حركة الأموال لمنع المضاربة تجعل من الصعب على العالم تبنّي اليوان. وهناك قلة من المصرفيين الصينيين يعتقدون أن اليوان سيحل قريباً محل الدولار ويكون عملة مفضلة في العالم، لكن ذلك ليس الغاية الوحيدة التي تسعى بكين لتحقيقها، فهناك أهداف أخرى أكثر جدوى وأشد إلحاحاً.
ويطمح الفنيون في الصين، إلى بناء نظام مدفوعات يسهل على شركائها التجاريين استخدامه، ويصعب على أميركا حظره. وبحسب المجلة، فقد ظلت الصين منذ مايو/أيار 2020 تعكف على تجربة نسخة رقمية من اليوان أُطلق عليها اسم “إي-سي إن واي” (e-cny)، أو اليوان الرقمي.
وبإمكان سكان 23 منطقة تجريبية في 15 مقاطعة صينية تنزيل “محافظ إلكترونية” على هواتفهم، وتتولى البنوك أو منصات الدفع الشهيرة -مثل “أليباي” (Alipay)- توفير المحافظ. ويمكن لأكثر من 260 مليون فرد و4.5 ملايين متجر الآن التعامل مع اليوان الرقمي، وفقا لبنك الشعب الصيني المركزي.
وفي حين يرى البعض ان كسر هيمنة الدولار لا يزال صعباً في ظل ارتباط الشبكة الاقتصادية العالمية بنظام سويفت، إضافة لعدد من العوامل الأخرى، إلا ان هؤلاء لا ينكرون أيضاً، ان ذلك قد وضع على السكة الصحيحة، خاصة مع وجود نية لدى العديد من الدول لتحقيق ذلك.
ويرى أحد الأساتذة في جامعة فودان في شنغهاي، أن اليوان الرقمي قد يساعد في كسر حالة احتكار الدولار، ويمكن استخدامه لتمويل المشاريع المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق، وهو برنامج قام على أنقاض طريق الحرير في القرن الـ19 من أجل ربط الصين بالعالم، ليكون بذلك أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية.
ويمكن للعملة الرقمية الجديدة (e-cny) أن تساعد في تداول اليوان بطرق متعددة، فقد تتيح للأجانب إجراء مدفوعاتهم عبر الحدود على نحو “أسهل وأرخص”، بحيث يصعب على الولايات المتحدة منع هذه المعاملات لأغراض جيوسياسية.
وتكمل الإيكونوميست القول ان هذه الخطوة من شأنها ان تزيد من جاذبية اليوان، حتى لو بقيت الضوابط المفروضة على رؤوس الأموال الصينية سارية، كما يمكن لليوان الرقمي أن يُغيّر طريقة عمل تلك الضوابط عبر برمجتها في العملة نفسها.
Discussion about this post