مع استمرار حالة الإنسداد السياسي في ليبيا، وتصاعد حدة الخلافات بين أطرافها المتصارعة وتزايد حجم الإنقسامات، خرج قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، بتصريح قوي توعد فيه بخوض معركة فاصلة في البلاد للوصول إلى ما وصفه بـ”بر الأمان”.
وعرفت البلاد تهديدات قوية بعد تعيين المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا عبدالله باثيلي الذي لم يمض على مباشرته نشاطه الدبلوماسي في ليبيا سوى أقل من شهر، بدأت عندما اتجهت حكومة الدبيبة إلى توقيع مذكرات تفاهم عسكرية واقتصادية مع تركيا تتيح للأخيرة استغلال التنقيب على النفط والغاز في السواحل البحرية الليبية إضافة إلى توزيع الدبيبة لأراض ليبية على عدد من السفارات الأجنبية.
والتهديد الأخير يحوم بالأفق منذ أن طالب حفتر بـ”انتفاضة شعبية” ضد جميع الأجسام الموجودة في المشهد الليبي وإبدائه استعداد قواته لدعم ما وصفه بـ”خيار الشعب في اختيار من يحكمه”.
حيث دعا حفتر إلى “إخراج كافة القوات الأجنبية من أرضنا، وأن كل شبر من حدود ليبيا ومن ترابها، هو خط أحمر أمام الإرهاب وأمام المطامع الاستعمارية”.
مضيفًا “إذا ما فشلت كل المساعي السلمية، بعد منحها ما تستحق من دعم ووقت لخروج القوات المحتلة من أراضينا فليس أمامنا من خيار، إلا أن نخوض المعركة الفاصلة من أجل التحرير مهما كان الثمن، ومهما استغرقت من وقت، نخوضها من دون تردد، بكل ما أوتينا من قوة وإرادة، وإصرار على العيش بكرامة وكبرياء فوق أرضنا”.
وقال رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية محمد الأسمر، عن تحذير حفتر من شن حرب جديدة، إنه “تنبيه باعتبار أن جميع الحلول والتسويات السياسية التي جابت مختلف العواصم العربية والغربية قد فشلت ولم ينتج عنها سوى حكومات أغرقت البلد في نفق المراحل الانتقالية”.
وبالفعل فإن ليبيا غارقة في فوضى سياسية عارمة، وتتبدد ثرواتها مع مرور شهور وسنين الأزمة التي نشبت منذ 2011، وحجم التجاوزات التي يقوم بها الساسة الليبيون لا رقيب عليها ولا حسيب، والغرب لا يكترث سوى بالنفط والغاز الليبي، سواء كان هنالك حكومتين أو ثلاثة وسواء نجح الشعب في استخدام حقه بتقرير مصيره من خلال انتخابات أم لا.
حفتر نفسه يعتبر أحد اللاعبين الأساسيين في هذه الأزمة، كما أن عدوانه على طرابلس عام 2019، هو من استدرج القوات التركية والأطماع التركية إلى البلاد في المقام الأول، ومحاولته الآن تصحيح أخطائه ووضعها في نصابها من خلال “حرب جديدة” تحت مسمى “انتفاضة شعبية” ليس إلا عبثٌ وطموحات شخصية، تهدد حياة عامة الشعب وتضرب استقرارهم.
والجدير بالذكر أن الشعب الليبي ومنذ ثورة فبراير عام 2011، لم يحظى بأية فرصة لتقرير مصيره بنفسه، أو انتخاب رئيس أو حكومة، بينما الساسة الليبيون وأطراف النزاع هم من يتتابعون على مناصب معينة ويتصارعون على غيرها، ومن خلفهم الدول الغربية التي تخلط الأوراق وتوزع الادوار كما تراه مناسبًا لتحقيق أكبر استفادة على حساب مصلحة عامة الشعب الليبي
Discussion about this post