كثيرة هي النتائج الايجابية والمؤشرات التي ضهرها مونديال قطر، وليس اقلها الترجمة العملية لحجم التعاطف العربي مع فلسطين والحضور المحوري وفي تفاصيل حياة واهتمامات العرب فالقضية حاضرة نوعيا في كل شاردة وواردة وفي اخطر واهم المناسبات، وانعقاد المونديال ليس اية مناسبة لأهميتها وحجم المتابعة والاهتمام ولعالميتها الشعبية والاجتماعية، ولمستويات تأثيرها في ارساء الوعي الجمعي العالمي وفي تسويق قيم وعادات وازياء وحتى قصات الشعر .
وبرغم النقص الفاضح والغياب شبه الكلي لمشروع عربي ولحضور فلسطيني متقن ومنظم للاستثمار بالمونديال وللإفادة من مناخاته واجتماع مليارات البشر حول الكرة. الا ان العفوية والمبادرات الفردية وحماس الناشطين استحضرت القضية الفلسطينية وكشفت عمق حضورها في الوجدان الجمعي العربي، وجاءت الاجواء والمناخات والأعلام بعكس ما استهدفه تنظيم المونديال في قطر وبين الاهداف غير المعلنة للمونديال وقد حشدت اسرائيل وحلفها التطبيعي وقطر ما امتلكوا ليكون المونديال مناسبة وفرصة للتطبيع الشعبي والكروي والثقافي، وامنت قطر الاف الرحلات الجوية المباشرة من فلسطين المحتلة وامنت افضل الفرص للمراسلين ووسائل الاعلام الاسرائيلية لاستعراض حجم التطبيع والقبول بإسرائيل وتعميم الابراهيمية فجاءت النتائج عكسية تماما وفي ذلك مؤشرات هامة جدا تؤكد حضور القضية المحوري.
ردود الفعل الشعبية العربية في كل مكان وفي بلاد المهجر مناصرة وتأييد للفرق العربية التي حققت نتائج ايجابية دليل ومؤشر على حوافز الضمير العربي الموحد والمستتر وحجم العواطف والرغبات الكامنة، وفي حجم الاحتفالية والتضامن العربي الشعبي العارم مع الفريق المغربي تتثبت حقيقة ان العرب قوم تجمعهم كثيرا من الروابط والقيم واللغة والثقافة والاهم الآمال المستقبلية وانهم امة مكتملة ينقصها المشروع والقيادة وتسجيل الانتصارات وبين الظواهر النوعية الدالة ان الفرق الفائزة تتلحف علم فلسطين وحارس مرمى المغرب برغم اجادته اللغات الاجنبية الفرنسية والانكليزية والاسبانية رفض الاجابة على الاسئلة الا بالعربية تأكيدا وتمسكا وتقريرا ان اللغة والعربية حية ومتينة ومفخرة للمنتصرين .
فالأمة في حقيقتها حاضرة ونابضة وكامنه تترقب بأمل وتوثبت وبجاهزية عالية للاندفاع ما ان تتوفر لها فرصة وامل حتى تعبر عن كوامنها وبما يذكر بالحالة الشعبية العربية اثر انتصارات المقاومة في لبنان وغزة ونجاح الدفاع الجوي السوري بأسقاط طائرة اسرائيلية وتتجسد الحالة في انتصارات الكرة ما يؤكد وقائع وحقائق التاريخ والواقع ويؤشر الى كمون وجاهزية العرب كقوم وكأمه لتلقف والتفاعل مع مشروع وقيادة تحقق انتصارات وتراكمها.
ومما لاشك فيه ان العربية والشرق واسيا اظهرت في المونديال قوة وحضور قيمها وثقافتها ومقاومتها لمحاولات فرض قيم وتقاليد ومفاهيم انغلو – ساكسونية ومن استهدافات تنظيم المونديال في قطر تسويق ثقافات وقيم وممارسات يجري تمريريها بخبث مع الكرة والمباريات باعتبارها احد اهم المناسبات والظروف والفرص لتسويق عادات وتقاليد غريبة وتكريسها. فرفض شعارات واعلام المثليين ومحاصرة وطرد الحضور الاسرائيلي وكسر هيمنة اعلام التطبيع وتسويق وترويج التقاليد والازياء العربية وتظهير قيم العرب والشرق في الاحتفاليات بالعائلة وتكريم الوالدين والتباهي والاحتفال بالوالدة من قبل اللاعبين الفائزين نتائج يبنى عليها والرفض الذي حال دون تحقيق غايات المنظمين، بتعميم التطبيع ونشر قيم وعادات وممارسات تخاف قيم العرب والشرق جاء لقوة الحجة ولضغوط الرأي العام وعدم قدرة النظم والحكام على مخالفتها وتحديها وهذه ايضا حقيقة تؤكد معطيات كامنة يمكن الاستثمار بها والبناء عليها.
وبين الايجابيات ومن الخير في الشر ان المونديال نظم في بلد عربي واسهم بتسويق الحالة العربية بانها حضارية وقادرة وتستطيع ولا ينقصها العقل والقدرة والادارة واذا صممت تستطيع.
وربما يكمن الشر في ان المونديال قد تم شرائه وبكلفة عالية وبرشوات وافساد، وبان كلفته على قطر كانت مهولة وغير مسبوقة وقد ازهقت الاموال الطائلة في مكان وزمان وعلى اطراف وجهات في غير صالح العرب وحاجاتهم واولوياتهم فالمئتان والعشرين مليار دولار لو انفقت على التعليم والطبابة وتامين المنازل وبناء الورش والمصانع والمزارع لكانت نهضت بالعرب ووضعتهم في مصاف الامم والشعوب المتقدمة خلال زمن قصير. لكن للأسف انفقت على الشوارع والابنية والبنى التحتية السياحية والاستهلاكية والملاعب في بلد عدد سكانه اذا اجتمعوا لا يملؤون الملاعب ومدرجاتها فكيف بالبنى التحتية والسياحية والفندقية.
بكل الاحوال فالنتائج الايجابية وما كرسته من حقائق وما كشفته من كوامن ومؤشرات تجعل من المناسبة ذات اهمية استثنائية في ما اظهرته من دلائل ومؤشرات وحقائق عسا ان تجد من يبحث فيها ويتعمق ويلتقط الفرصة ويعمل لتعظيمها ويسهم في اعادة انهاض العرب والتركيز على خاصياتهم وقضاياهم والسعي الجاد لتحقيق انتصارات جدية وعمليه في الواقع يبنى عليها وتغير في احوالهم وتخليق مناسبات تفجر كوامن العرب وتستنهضهم لإنجاز وتحقيق قضاياهم وحقوقهم.
وعلى قول؛ رب ضارة نافعة فقد يكون انفاق مئات المليارات على المونديال خيرا على عرب بعضهم كسب واستفاد وجلهم كسب بانها لم تنفق على حروبهم وتعميق فوضاهم والتآمر على بلدانهم لتدمير بشرها وعمرانها فقد سبق ان اعلن رئيس وزراء قطر السابق انفاق اكثر من ١٣٨ مليار دولار لتدمير سورية.
Discussion about this post