في مثل هذا الشهر كان الليبيون يتحضرون لخوض انتخابات رئاسية وبرلمانية لأول مرة في منذ زمن طويل، كانت هذه الانتخابات مزمعة في 24 من ديسمبر 2021، ولكن البلطجة السياسية ومحاولة عدد من الأطراف خرق القوانين والترشح ومحاولة آخرين تفصيل هذه الانتخابات على مقاسات مرشحيها، حال دون عقدها وفشلها واختفاء الأمل الوحيد الذي كان من شأنه أن ينهي معاناة الليبيين.
المشكلة الآن في ليبيا أن مجلسي النواب والدولة، المعنيان بتشكيل القاعدة الدستورية والقانونية للانتخابت وتوزيع المهام المنوطة بعملية التمهيد للانتخابات، تارة على توافق، وتارة في خلاف عميق، وكل منهما له رؤيته وهدفه الخاص في هذه العملية.
بينما المشكلة الأساسية ناهيك عن مجلسي النواب والدولة، هي انقسام المؤسسة العسكرية المنوطة بتأمين الانتخابات، وحفظ الاستقرار، وتنفيذ القانون بالقوة إن لزم الأمر، خصوصًا إذا ما وصل رئيس للسلطة تعاديه فئة من النخب السياسية التي تحظى بدعم ميليشياوي.
وهنا شدد عضو مجلس النواب خليفة الدغاري، على أن الوصول إلى مرحلة الاستقرار الدائم وقيام الدولة لن يتأتى في ظل عدم التوافق على القاعدة الدستورية..
وأضاف الدغاري، في تصريحات صحفية، أنه من الضروري توحيد السلطة التنفيذية، وتوحيد المؤسسة العسكرية من خلال قيادة عسكرية أو مجلس عسكري موحد توكل إليه كافة الاختصاصات الخاصة بتوحيد هذه المؤسسة حسب القوانين النافذة، وتنفيذ الترتيبات العسكرية والأمنية التي لا يمكن تحقيقها في ظل انقسام هذه المؤسسة وتحت قيادة عليا مؤقتة إلى حين انتخاب رئيس الدولة وذلك كخطوة أولوية للمضي قدما نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا.
ومن جانبه رهن محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، الخروج من الأزمة في ليبيا بإنهاء الفوضى الأمنية وانتشار السلاح واغتصاب السلطة.
وأضاف العباني، عبر حسابه على “فيسبوك”، “أن كل ما يطرح من مبادرات تنصب على تقديم رؤى وأفكار للخروج من الانسداد السياسي، والتوجه نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كل ذلك جميل”. وتابع: “لكن المشكلة الحقيقية في ليبيا ليست سياسية أو انتقال سلمي للسلطة”.
ولفت إلى أن “ما يدور في ليبيا هو انفلات أمني وجماعات مسلحة تغتصب السلطة بما تملكه من قوة مسلحة، وأن الحكومات المتعاقبة عبر ما عشناه من مراحل انتقالية ابتداءً من المكتب التنفيذي برئاسة جبريل وانتهاء بحكومة باشاغا، إنما هي مجرد حكومات سلطتها صورية، ولم تتمكن من فرض الظبط والربط على كامل الإقليم، لسبب بسيط جدا”.
واستطرد: “من يمتلك السلطة في الواقع، هو من يمتلك القوة الذي تجعله قادرًا على إحداث الفعل، وهذا ما تملكه الجماعات المسلحة ولا تملكه الحكومات، لذلك محم بحاجة إلى جيش موحد لضمان استمرار العملية السياسية وضمان تطبيقها بحذافيرها”.
وقال العباني، إن الحديث عن انتقال السلطة سلميًا في ليبيا هو حديث أقرب إلى الترف السياسي والتمنيات الطيبة، متسائلاً: “كيف نتحدث عن انتقال سلطة ليست بأيدينا ونتجاهل وجود الجماعات المسلحة التي تمتلك السلطة (قوة الأمر الواقع)”.
ونوه بأن المجالس والجماعات السياسية لا تمتلك سلطة حتى تتحدث عن نقلها، ومن ذلك الانتخابات، فصندوق الانتخابات يحتاج لمن يحميه، ولمن يفرض نتائجه، والمجالس لا تمتلك القدرة على ذلك في طل هيمنة الجماعات والتشكيلات المسلحة”.
Discussion about this post