نعيش في لبنان بظل بورصة “الدولار”، فيرتفع في فترة الاعياد ليتجاوز 47 ألف ليرة ثمّ يعود مصرف لبنان فيصدر تعميماً، ليبدأ الدولار بالإنهيار من جديد ومن ثم الارتفاع، هذا الأمر ليس جديداً فهناك محطات عديدة تدخل فيها مصرف لبنان ليلجم الارتفاع الصاروخي للدولار آخرها في أيلول عندما أصدر تعميماً أكد فيه عدم لمّ الدولار من السوق السوداء فإنهار دفعة واحدة 6 آلاف ليرة، رغم عدم تطبيق ما أعلنه.
لا شكّ أن الاجراءات الذي إتخذها ولا يزال المصرف هي مجرد “إبرة مورفين” في قلب الدولار الذي سيعاود صعوده. ولكن السؤال الأبرز هو ما سبب الارتفاع الهائل للدولار قبل التعميم؟.
التهريب الى سوريا
عندما ننظر الى ارقام الاستيراد نُصاب بالدهشة، ففي بلد يتهاوى، يكون الاستيراد بقيمة 17 مليار و800 مليون دولار أي ما يقارب 18 مليار دولار، ليكون السؤال الأهم “هل استهلك هذا المبلغ في لبنان”؟.
هنا يشرح الخبير الاقتصادي أنيس أبو دياب الى أن “هناك معطيات تشير الى وجود تهريب للبضائع والعملة الى خارج الحدود وتحديدا الى سوريا”، ليعود ويشدد على أن “زيادة استيراد المحروقات ارتفع بشكل كبير”. بدوره الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة يعطي مقارنة بين سعر صفيحة البنزين في لبنان الذي يبلغ حوالي 16 دولارا وسعر الصفيحة في سوريا التي تصل الى 46 دولارا”، يعود أنيس بو دياب ليلفت الى أنه “بحسب المعلومات يصل سعر ليتر البنزين المهرّب من لبنان الى سوريا الى حوالي 3 دولار”.
“كلما ازداد الخناق على سوريا ازداد الخناق على لبنان”. هكذا ببساطة يصف أبو دياب المشهد، لافتا في نفس الوقت الى أنه “كلما انهارت الليرة السوريّة تنهار بمقابلها الليرة اللبنانية لأن الطلب على الدولار يرتفع، في الأسبوع الماضي ارتفع الدولار مقابل الليرة السورية من 4500 الى 6200 ليرة سوري”، مشددا في نفس الوقت على أن “هناك زيادة طلب على الدولار للتجار السوريين في لبنان”.
مضاربة المصارف
اضافة الى الوضع السوري المأزوم وتهريب العملة والمحروقات، هناك عوامل أخرى تدخل على خط المضاربة وحتما أدّت الى ارتفاع الدولار ولو أن مصرف لبنان تدخل لانخفاضه، الا أن هذه العوامل لا تزال موجودة أبرزها مصرف لبنان والمصارف. ويلفت أنيس بو دياب الى أن ” المصارف تتدخل في السوق لتحقيق ارباح ولتحسين موقعها المالي بالدولار خصوصا وأنها تسعى الى جمع 3% التي يفرض المصرف المركزي عليها تسديدها في شباط المقبل”، مشيراً أيضا الى أنه “يعمل على اعادة هيكلة المصارف والتي تحاول اعادة تكوين سيولتها وودائعها ليكون موقعها المالي بالجيد في اعادة الهيكلة، ما يعني أنها تريد أن تحسن مؤشراتها بالميزانية”. هنا يرى عجاقة أنه “حتى ولو كان هناك مصارف تشتري الدولار للإلتزام بالتعميم 154 قبل شباط المقبل، إلا أن حجم الأموال المطلوبة من قبلها يفوق حجم الاموال الموجودة أو تلك المطلوبة”، مؤكدا أنه “في نفس الوقت ان مصرف لبنان يشتري الدولار الّذي يموّل التعميم 158 و161 ولتمويل الدولة وخطة الكهرباء”.
عوامل عديدة أدّت الى ارتفاع الدولار، ولو أنه عاود إنخفاضه حالياً نتيجة تدخل مصرف لبنان إلا أنه حتماً سيعاود الارتفاع في ظلّ غياب الثقة ووجود خطة شاملة… والتجارب السابقة خير دليل!.
Discussion about this post