في مثل هذا اليوم من عام 2014 اعتقلت السلطات البحرينية الأمين العام لجمعية الوفاق الوطنية الإسلامية الشيخ علي سلمان، قاطعة بذلك سبل الحوار، في ظل ما يمثله من شخصية استثنائية عرفت بميلها إلى السلام وتحضّرها، ليتحول بذلك المفاوض والمنادي بالديمقراطية والإصلاح الشامل إلى سجين سياسي.
محاكمات عديدة، تعرض إليها الشيخ سلمان انتهت بالمؤبد بتهمة “التخابر مع قطر”.
تهمة تصفها المعارضة البحرينية ومنظمات حقوقية دولية بأنها “كيدية وانتقامية”.
وبعد مرور 8 سنوات على اعتقال الشيخ علي سلمان، يمكن طرح الأسئلة التالي؛ ماذا تقول جمعية الوفاق البحرينية؟ وإلامَ تسعى السلطات من وراء هذه الانتهاكات؟ أيّ مستقبل ينتظر الحراك الشعبي في ظل تغييب المعارضة؟ وإلى أين يتجه المشهد البحريني في ظل التطبيع القائم؟
تغييب قيادات المعارضة يشكّل وقوداً لاستمرار الحراك المطلبي
منذ انطلاق الثورة البحرينية عام 2011، عمد النظام البحريني إلى تغييب المعارضة البحرينية عن المشهد السياسي، عبر إقصائها تارة وسجن زعمائها ونفيهم تارة أخرى.
ووقوفاً عند هذه الانتهاكات، يقول القيادي في الوفاق السيد طاهر الموسوي في مقابلة لموقع الميادين نت إنّ “تغييب قيادات الحركة المطلبية يشكل وقوداً لاستمرار الحراك ويعطي مبررات أكبر للجماهير بعدم التوقف”.
وعن التجربة البحرينية قال: “على امتداد عقود من الصراع السياسي كان لتغييب القيادات سواء عبر السجون أو النفي دور في ارتباط الجماهير المعنوي بهم، وأبرز نموذج على ذلك، عندما تمّ اعتقال الشيخ سلمان عام 1994، الأمر الذي أدى إلى اندلاع الانتفاضة الشعبية التي استمرت حتى العام 2000”.
ويضيف: “بعد اندلاع التظاهرات بسبب اعتقاله، أقدمت السلطات على نفيه بهدف التخفيف من حدتها، لكنّ خطوة النفي شكّلت أرضية لانطلاق الحركة المطلبية الدستورية التي استمرت لقرابة 7 سنوات والتي لم تتوقف إلا بإصلاحات سياسية، وعودة المنفيين والإفراج عن المعتقلين كافة ما بين عامي 2000 و2001”.
الصدام السياسي
ما حدث في أواخر العام 2014، عندما اعتقل الشيخ علي سلمان شكّل انعطافة سياسية حادة جداً، وفق ما يرى الموسوي، إذ أنّها “تركت خلفها تبعات كبيرة اعتبرت إيذاناً بدخول مرحلة جديدة من الانسداد السياسي غير المسبوق، وأعطت مؤشراً على أنّ الأزمة السياسية ذاهبة إلى مزيد من الخيارات المعقدة والصعبة، وهذا ما حدث بالفعل”.
ويتابع القيادي في الوفاق حديثه للميادين نت بالقول إنّ “النظام البحريني انتقل حينها إلى مرحلة من الصدام السياسي الشامل وتقطيع كل قنوات التواصل وسد كل أبواب التفاهم والتوافق الوطني”، مشيراً إلى بدء مسلسل التصعيد على كل المستويات سياسياً وحقوقياً وأمنياً، وسط تراجع ملحوظ في الوضع الاقتصادي.
أحداث قاسية
أمّا عمّا بعد اعتقال الشيخ سلمان، فيقول الموسوي إنّ “هذه المرحلة أنتجت حلاً للأحزاب السياسية المعارضة، ومنعاً تاماً للتظاهر وتكميماً للأفواه ومصادرة حرية الرأي والتعبير، وسن قوانين تشرع عملية تهميش الشخصيات السياسية من كل مواقع العمل التشريعي والمدني والخيري والرياضي والاجتماعي، أبرزها ما عرف بتشريع العزل السياسي الذي يمنع أكثر من 100 ألف مواطن من المشاركة في الحياة العامة بمختلف تشكلاتها”.
ويضيف أنّ “هذه المرحلة شهدت أحداثاً قاسية، على رأسها توقيع اتفاقات التطبيع المذلّة، واستهداف أكبر مرجعية دينية في البحرين الشيخ عيسى قاسم، وتنفيذ عدد من أحكام الإعدام في قضايا ذات خلفية سياسية”.
أمّا على المستوى الاقتصادي فقد “سجّل مؤشر الوضع الاقتصادي تراجعاً كبيراً جداً، ورفعت الضرائب، وتراجع الوضع المعيشي للمواطنين، ناهيك عن زيادة الدين العام والمساس بحقوق ومكتسبات المواطنين على مستوى التقاعد وموجات الغلاء، ورفع الدعم عن عدد من القطاعات مع جمود المرتبات”، يقول الموسوي.
ويرى القيادي في الوفاق أنّ “كل تلك المؤشرات تعكس مدى تأثر المشهد العام المعيشي والاقتصادي والإنساني بالوضع السياسي وغياب الحريات، التي اتّسعت رقعتها نتيجة ظروف مختلفة، من بينها اعتقال الشيخ علي سلمان”.
التوافق الوطني.. مفتاح الحل
وفي سؤالنا عمّا ستتجه إليه الأمور في البحرين، يشدد الموسوي على أنّ “الرؤية التي تبناها الشيخ علي سلمان والقوى الوطنية المختلفة ما زالت هي الرؤية المتقدمة والأكثر إجماعاً في حاجة البحرين إلى مشروع سياسي شامل”.
وأضاف: “ليس هناك من خيار وطني يمكن أن تتجاوز به البحرين أزماتها المتداخلة سوى التوافق الوطني”، ويشدد على أنّ “المطلوب اليوم هو خطة إنقاذ تستجيب لاحتياجات الشعب البحريني”.
وعن تمسك المعارضة بالحوار، يرى الموسوي أنّه “السبيل الوحيد للتفاهم من أجل وضع خارطة طريق توصل البحرين إلى واقع سياسي مستقر يستوعب الجميع”.
ويرى القيادي في الوفاق أنّ “السلطة ابتعدت كثيراً عندما طبّعت مع كيان الاحتلال”، مشيراً إلى الانقسام الحاد في هذا السياق بين القوى الوطنية والإسلامية والمهنية والمجتمعية، والسلطة التي ذهبت في هذا الخيار بشكل منفرد، وبعيداً عن أدنى قدر من التمثيل الشعبي”.
ويختتم الموسوي حديثه للميادين نت بتأكيد المطالب البحرينية، والمتمثلة بالشراكة السياسية، وإعادة بناء السلطات بما يحقق التمثيل الشعبي والفصل بين السلطات وإعادة الحريات.
Discussion about this post