جاء متأخراً ومرغماً بعد موجة إندفاع المساعدات الإنسانية التي وصلت من العراق والجزائر لم تظهر مفاعيله حتى الآن. وربما من المبكر في الحقيقة الكشف عن حجم تأثير رفع الحصار الأميركي المؤقت أو العربي عن سوريا، ولكنه لم يترجم حتى اليوم بعلاقات تجارية واقتصادية، مع العلم أن هناك العديد من التجار السوريين الذين ابتدؤوا العمل من خلال الإمارات، بعد لقاء الرئيس بشار الأسد مع الأمير محمد بن زايد آل نهيان في العام الماضي. ولكن انعكاس هذا التبادل كان على المستوى الشخصي، لأن المصرف المركزي السوري يدخل ضمن عقوبات قيصر، وما تزال التبادلات المالية مع الإمارات تخضع للرقابة الأميركية.
الأمر ينطبق على لائحة طويلة من السياسيين والتجار والإقتصاديين، المحجوزة أموالهم في البنوك، وينطبق على المؤسسات السورية المسؤولة عن برامج إعادة الإعمار مثل شركة الإنشاءات السورية، والإنشاءات العسكرية، ومصانع الأدوية وغيرها. وهذه اللائحة لم تتغير خلال قانون رفع العقوبات لمدة 180 يوماً، وما تزال جميع مؤسسات الدولة وشركة الطيران المدني وغيرها من الشركات التي يمكن أن تدخل العملة الأجنبية أسوة بما كان يحدث قبل العام 2020، أو حتى منذ بدء فرض العقوبات في العام 2012.
وأما المستفيدون من قانون الإستثناء الاميركي، فهم الأفراد الذين يتلقون المساعدات المادية من أقرباء لهم حول العالم من خلال التحويلات المالية، فيما تقوم المؤسسات الدولية والسوريون في بلاد الاغتراب بالمطالبة بفتح المجال أمام المزيد من هذه التحويلات.
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حملت معها للسوريين مجموعة من المساعدات العينية بعد رفع الحصار الأميركي، وخاصة بعد مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بوجوب التوجه إلى سوريا وتقديم المساعدات للمتضررين، ولكن لا أكثر ولا أقل.
الأسكوا، على المقلب الآخر، وضعت بنوداً يجب تطبيقها من أجل مساعدة السوريين، وعممت نقاطاً على المسؤولين السوريين منها:
تسهيل وصول المساعدات، مراقبة التقدم بما يحقق الإنتعاش المبكر والفعال، معالجة العقبات التي تعترض وصول التحويلات بهدف خفض كلفتها، التركيز على نهج شامل وتشاركي للإغاثة وإدماج النوع الإجتماعي، -وهذا كلام مبهم وغير مفهوم-. وأخيراً وهو هدف كبير “زيادة قدرة المجتمعات المحلية على الصمود من خلال إعطاء الأولوية لجهود تحقيق الاستقرار وضمان سبل عيش مستدامة للأفراد لتحقيق التعافي على المدى الطويل، وسيتطلب ذلك إعادة ترتيب وتركيز الموارد على المبادرات التي من شأنها دعم هذا الهدف، بالإضافة إلى زيادة حجمها”.
وفي السياق، ثمة مساعدات فرنسية نقدية لمتضرري الزلزال بقيمة 12 مليون يورو، بحسب فرانس 24، ولكن حتى اليوم لم يتم تسليمها وفق المعنيين. فيما تصر الدول الغربية على عدم وصول أي من المساعدات المادية إلى الدولة السورية بشكل مباشر. في حين أن بريطانيا خصصت مبلغ 800 ألف جنيه استرليني، أي ما يعادل (96.897.600) دولار أميركي للخوذ البيضاء، وهي المنظمة الإرهابية التي أنشأتها خلال الحرب على سوريا.
ويذكر ان قرار رفع الحصار الأميركي المؤقت عن سوريا جاء عشية التاسع من كانون الثاني، بعد أيام على كارثة الزلزال، بسبب القلاقل التي قد يتسبب بها وتزايد الضغوط الشعبية من السوريين المتواجدين في الخارج، حيث أصدرت وزارة الخزانة الأميركية الرخصة رقم 23، والتي تعلق الحظر على بعض المعاملات المتعلقة بسوريا حتى يوم 8 آب/أغسطس 2023. وتنص الرخصة بوضوح على أن الغاية منها السماح بتحويل الأموال من سوريا وإليها لغرض محدد، هو تسهيل جهود الإغاثة المتعلقة بالزلزال تحديداً، لا بأي غرض آخر. كما أن قرار الخزانة الأميركية لا ينطبق على الدولة السورية أو أي من مؤسساتها أو فروعها، وضمنها البنك المركزي السوري. ولا ينطبق أيضاً على أي شركة أو جمعية تسيطر عليها الدولة السورية، بشكل مباشر أو غير مباشر، داخل سوريا وخارجها، كما لا ينطبق على أي شخص يعمل لمصلحة أيٍّ من تلك الجهات. بل ينطبق فقط على عمل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية لـ”أغراض إنسانية”.
واليوم وبعد شهرين ونيف على القرار ما تزال مفاعيله دون إحصاءات تذكر، ولا تقديرات لحجم ما دخل من القطع الأجنبي إلى الشام، ربما المدة الزمنية ما تزال قصيرة لمعرفة المبالغ التي دخلت الى سوريا ومدى تأثيرها قياساً بالخسائر والأضرار التي تسبب بها الزلزال، وأصابت البنى التحتية والأبنية والمنشآت، وقدّرها البنك الدولي بنحو 500 مليار دولار.
Discussion about this post