بعد 12 عاماً، لم تنفع السعودية خلالها ما صرفته من تريليونات الدولارات الأمريكية، من أجل تدمير سوريا، عقاباً على التزام رئيسها بالمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق. حتى وصل بالأمس الثلاثاء وزير خارجيتها فيصل بن فرحان الى عاصمة دمشق، في أول زيارة لمسؤول سعودي منذ العام 2011.
وفور حصول الزيارة، حاول البعض من أعداء سوريا ومحور المقاومة، التعتيم على الزيارة تارةً، أو التقليل من أهميتها وما تعكسه تارةً أخرى، لأنهم مدركين بأن هذا التطور في علاقات الدولتين، يشكلّ اعترافاً صريحاً من الرياض بأنها تلقت الهزيمة خلال السنوات الماضية.
فمنذ أعوام، كانت مواقف وزير الخارجية عادل الجبير في العديد من المناسبات – التي يؤكد فيها على موقف حكّامه – ثابتة لا تتغير، حول “عدم وجود دور للأسد في مستقبل سوريا”، وهو ما كان يحسمه بالقول: “الهدف لايزال محاولة الوصول إلى حل سلمي يؤدي إلى إبعاد نظام الأسد، ولكن الخيار العسكري لايزال قائما والدعم للمعارضة السورية لايزال مستمرا.. كما ذكرتُ في الماضي، بشار الأسد لديه خياران، إما أن يرحل عبر عملية سلمية أو يُبعَد عبر عمليات عسكرية، لكن لا مستقبل له في سوريا”.
مواقف لم تتغير أيضاً، عندما تدخلت روسيا لمساعدة الجيش السوري وحلفائه في القضاء على الجماعات التكفيرية والإرهابية وعلى رأسهم داعش، حينما قال لصحيفة “سود دويتشه تسايتونغ” الألمانية: “لن يكون هناك بشار الأسد في المستقبل. قد يستغرق الأمر ثلاثة أشهر، وقد يستغرق ستة أشهر أو ثلاث سنوات ولكن لن يتولى المسؤولية في سوريا”. زاعماً بأن ما وصفه بدعوات الأسد السابقة “لمساعدة قواته من إيران وحزب الله وميليشيات شيعية من العراق وباكستان لم تُجد كلها. والآن دعا الروس ولكنهم لن يستطيعوا مساعدته أيضا”.
إلّا أن عادل الجبير نفسه، هو من اضطر في “قمّة القَسوة” عام 2017، الى إبلاغ فريق “المعارضة” التفاوضي برئاسة رياض حجاب، أثناء اجتماعه بهم في الرياض بأن الرئيس “بشار الأسد باقٍ في السلطة وأن عليهم الخُروج برؤية جديدة وإلا سنَبحث عن حل لسورية بدون المُعارضة”.
لقاء الأمس
وبالعودة الى زيارة الأمس، استقبل الرئيس الأسد الوزير بن فرحان، وبحث معه العلاقات بين البلدين وملفات أخرى سياسية عربية ودولية. وجرى تكرار للمواقف التي أعلنها بن فرحان خلال لقائه بالوزير فيصل المقداد منذ أيام، لناحية “وقوف المملكة إلى جانب سوريا ودعمها لكل ما من شأنه الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وأمنها واستقرارها وتهيئة البيئة المناسبة لعودة اللاجئين والمهجرين”، واتخاذ “الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة”، وأهمية توفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سوريا. ونقل بن فرحان في بداية الاستقبال، تحيات وتمنيات الملك سلمان وولي عهده، والتي ردّ عليها الرئيس الأسد بالمثل.
هذا اللقاء يشكل الخطوة الثانية في إعادة العلاقات ما بين البلدين، والتي قد تستكمل في الزيارات المتبادلة لقادة الدولتين. وبالتأكيد فإن عودة هذه العلاقات، ستشيع مناخاً جديداً في المنطقة، يساهم في حل الأزمات طالما توفرت النوايا لذلك (خاصةً من الرياض). وعليه قد نشهد في الفترة المقبلة، إحياءً لنسخة جديدة من معادلة “سين – سين”، قد يكون لبنان أول ساحات تبلورها.
Discussion about this post