كتب ميخائيل عوض، انه زمن التحرير يعد بالأيام العاديات و بالأسابيع والاشهر وليس بالسنوات والعقود…
خاضت غزة ومحور المقاومة في فلسطين جولة حرب، تقرر نتائجها النوعية ما سيكون بعدها.
ثلاثة ايام فقط الزمت اسرائيل بإنهاء عدوانها واستجداء مصر وقطر للتوسط لوقف النار، بعد ان فرغت جعبتها من الاهداف، واهتزت جبهتها الداخلية التي كشفت عن هزالها وضعفها، وعجزها عن تحمل ايام قتالية اضافية. فكيف بحرب..
تقدمت الجهاد الصفوف وبايعتها غزة وفلسطين قيادة لحقبة المقاومة والتحرير، ونجحت في قيادة المواجهة بتصميم وصلابه وحكمة وبمبادرة واعية عندما استنفرت وهددت بالثأر لشهداء الضفة وطالبت بالإفراج الفوري عن قادتها في الضفة” السعدي وعواودة” والزمت اسرائيل بالوقوف على اصابع اقدامها واقفال مستوطنات ومدن الجنوب ارتهابا، واستدعتها للمغامرة الحمقاء بالمباشرة بالعدوان، فانتزعت نصرا يثبت ويعزز نصر سيف القدس، ويرشحها كقائد للمقاومة في الحقبة الجديدة.
ثلاثة ايام كانت كافية لتكشف اسرائيل على ازماتها وعجزها ونقص معلوماتها وتفكك جبهتها الداخلية وارتباك قيادتها السياسية والعسكرية،. الامر الذي لم يحصل من قبل.
وكما كانت إسرائيل عدوانية ومبادرة وتجرأت على جولة حرب استباقية، حددت اهدافها بحذر شديد على عكس الجولات الماضية، فقصرتها على اغتيال القادة وتصفية الجهاد، وفك اللحمة الوطنية للشعب الفلسطيني واثارة التناقضات بين قطبي المقاومة حماس والجهاد كدليل اضافي على رهابها من الحرب واطالتها.
ايام معدودات من المواجهات اكدت الجهاد والفصائل بانها على قدر المهمة، حاضرة وجاهزة ومستعدة وجاهزة لاطالة الحرب وامطار المستوطنات والمدن الاسرائيلي بمختلف عيارات القذائف والصواريخ واكدت عجز وفشل القبة الحديدية، وفشل خطط وتكتيكات الاركان الاسرائيلية الاي لم تجرؤ حتى غلى التلويح باحتمالات الحرب البرية، بعد ان اكتوت بها ونجحت الشجاعية بتدمير لواء غولاني واسرت جنوده في حرب ٢٠١٤.
جولة مؤسسة بنتائجها ودروسها تجزم بان زمن تحرير فلسطين ازف ومنها؛
١- تثبيتا لحقيقة ان محور المقاومة انتقل من الدفاع للهجوم، بادرت الجهاد واستنفرت واربكت الجبهة الجنوبية ومستوطناتها ومدنها، واستعدت للعمل النوعي ان لم تطلق اسرائيل سراح القادة في الضفة وانتصارا لنابلس وجنين ومقاومي الضفة وفلسطين ال٤٨ وخاضت الجهاد الحرب بشعار متقن؛ ترابط الساحات وافلحت بتعميق وتعزيز النتائج النوعية لسيف القدس التي اعادت صياغة القضية الفلسطينية على حقيقتها؛ قضية شعب مقاوم موحد ابدا وقضية وطنية قومية انسانية لا تقبل التجزئة او التفريط.
٢-حققت الجهاد شروطها واهدافها المعلنة من الحرب، وفي اهمها اطلاق سراح القادة المعتقلين في الضفة” فقد التزم الامر الوسيط، واستمالت مصر لأهميتها” وهذه وحدها تكرس الجهاد قائد حقبة المقاومة والنصر وربط الساحات ووحدتها.
٣-ادارت الجهاد الحرب بذكاء وفطنة فوتت على اسرائيل تحقيق هدفها بفك العلاقة مع حماس واثارة التناقضات، وجاء تصريح نخالة بدلالات هامة بقوله؛ حماس لم تتدخل لكنها عامود المقاومة وسنحافظ على وحدتنا. وبذلك شهد بلسانه وقطع على التفسيرات التي اشارت الى انكفاء حماس وشروعها بفك علاقتها بمحور المقاومة نأيا بالنفس وبالسلطة واستجابة لضغوط قطر وتركيا والتزاما بمشروع الاخوان المسلمين التصفوي للقضية الفلسطينية.
٤- لم ينتقص عدم مشاركة حماس من قدرات الجهاد والفصائل التي فاجأت إسرائيل بكثافة القصف ومديات الصواريخ والقذائف ودقتها، وتملصها من القبة الحديدة واسلحة الدفاع الجوي الاسرائيلي وهددت الجهاد باستخدام سلاح كاسر تمتلكه.
٥-دفعت ثمن غدر اسرائيل والوسطاء ارواح قادة ومجاهدين ودفع الشعب الفلسطيني والعزل ثمنا باهضا باستشهاد اكثر من ٤٤ منهم وجرح العشرات. الا ان كفاءة القتال وتنسيق الرمي وكثافته اكدت ايضا ان المقاومة والشعب والجهاد استعدت لتقديم القرابين وتحسبت لارتقاء القادة واعدت البدائل ولم تتأثر وهذه شهادة ايضا للجهاد وفصائل المقاومة والشعب الفلسطيني ولغزة المناضلة والصابرة والباهرة في صمودها ومقاومتها.
٦- اكدت الايام القتالية الثلاثة التي اضطرت والزمت اسرائيل استعجال الوساطات وتفويض مصر بتحقيق وقف النار وهدنة تستجيب لشروط الجهاد والاهم فيها ربط الساحات واطلاق سراح قادة الجهاد في الضفة واعادة تمويل غزة باحتياجاتها، وكشفت مدى الارباك والضعف والعجز الاسرائيلي بازاء غزة المحاصرة والمحدودة المساحة والجغرافية والقدرات فكيف وان وقعت الحرب مع الجبهات الاخرى والساحات ومع محور المقاومة ودوله وفصائله.
فمسار جولات غزة تؤكد الحقائق والمعطيات التي تجزم بان اسرائيل الى تراجع وخسارة عناصر قوتها وتفوقها بينما يتقدم محور المقاومة وفصائله التي تراكم الخبرات والسلاح وتجري تطويرات نوعية عليها، فمن حرب ال٥٣ يوما على غزة والاستفراد بها والتدمير الواسع الى حرب سيف القدس ال١٣ يوما وبرغم مبادرة اسرائبل للحرب وتحقيقها خرقا باستهداف القادة واستفرادها بالجهاد وعدم مشاركة حماس فلم تصمد اكثر من ابام ثلاثة واستعجلت وقف النار والهدنة ورضخت للشروط واهدت الجهاد نصرا ثمينا يرشحها لقيادة حقبة المقاومة والتحرير.
٧- نتائج جولة غزة وثبات الجهاد وتقدمها واعلانها انها في محور ايران والمقاومة بلا مواربة ستنعكس حكما على ملف الترسيم واستثمار النفط والغاز في جنوب لبنان وعلى سورية والتحرشات الاسرائيلية، وفي بنية اسرائيل وانتخاباتها الجارية حملتها كما على الملف الايراني ومفاوضات فينا، وبالتأكيد على حماس دول التطبيع والتعاون مع اسرائيل التي ستتثبت ان التطبيع لن يعطيها شيئا الا الخزي والعار وانها تستجير بالرمضاء من النار…
٨-لن تهدا الساحة وسيلتهب الصراع العربي الاسرائيلي على وقع التوازنات وموازين القوة المختلة في غير صالح اسرائيل وحلفها وامريكا ومشاريعها، وتاليا تقترب ساعة الحرب الكبرى التي ستشعلها شرارة تنطلق من لبنان والترسيم او من غزة واو من الضفة الغربية وترجيح احتمال ان ترتكب إسرائيل وفصائلها المتطرفة اعمال استفزازية تستدرج جولة مع غزة قد تستدرج الحرب الكبرى.
قالها اولمرت رئيس وزراء اسرائيل في حرب تموز؛ ايام اسرائيل العادية باتت معدودة وهكذا اكدت جولة غزة الاخيرة هذه المقولة وكرستها بالنار والحديد والشهداء القادة.
Discussion about this post