يصل النزال بشأن رفع سقف الديون الأميركية إلى ذروته تدريجياً في ظل ازدياد الانقسام بين الجمهوريين والديموقراطيين من جهة، وبين الجمهوريين أنفسهم من جهة أخرى. في حين، يحاول رئيس مجلس النواب، كيفين مكارثي، بدوره، اقناع الجمهوريين، و “لمّ شمل” عدد من الأصوات الكافية لتمرير خطته التي كشف عنها في خطابه في بورصة نيويورك، التي تقوم بإحدى جوانبها على تأجيل التصويت إلى العام المقبل، والتي قد لا تحظى بالدعم فور وصولها إلى مجلس الشيوخ، مما سيمهد الطريق لترحيل المواجهة المالية إلى وقت يحتدم فيه السباق الرئاسي.
اتهم مكارثي في خطابه الرئيس جو بايدن “انه يواصل الاختباء. الجمهوريون في مجلس النواب سيتخذون الإجراءات، هذه هي خطتنا: في الأسابيع المقبلة، سيصوت المجلس على مشروع قانون لرفع سقف الديون إلى العام المقبل. وفر على دافعي الضرائب تريليونات من الدولارات. اجعلنا أقل اعتمادًا على الصين. منحنى التضخم مرتفع لدينا، كل ذلك دون المس بالضمان الاجتماعي والرعاية الطبية”. وأضاف “التخلف عن سداد ديوننا ليس خيارًا، لكن لا ضرائب أعلى، وأسعار فائدة أعلى، وتضخم أعلى، واعتماد أكبر على الصين واقتصاد لا يعمل للأمريكيين العاملين. اسمحوا لي أن أكون واضحًا، لا يمكن تجاوز زيادة حد الديون المرفقة بدون شروط”.
يربط مكارثي خطوة ترحيل التصويت على سقف الديون باتخاذ إجراءات تهدف إلى تقليل النفقات. وفي مقابلة بودكاست، لبرنامج Potomac Watch، تقول مراسلة وول ستريت جورنال، آلان كيت، أن استراتيجية بايدن هنا ستكون التأخير والمماطلة، حتى اللحظة الأخيرة. ممارسة أقصى قدر من الضغط على الجمهوريين في مجلسهم. حتى لو مروا بشيء ما بالقول، انظروا، وول ستريت الآن متوترة، والأسهم تتراجع، ويمكن أن تكون تخلّفًا عن السداد وما إلى ذلك”. وتضيف، “هناك الكثير من الافتراضات الزائفة. الأول هو أنه لا توجد حاجة حقًا للتخلف عن سداد الديون. حتى إذا تم اختراق حد الدين في حزيران/يونيو، فهناك المزيد من الأموال التي تأتي بانتظام. ليس الأمر كما لو أن الإيرادات تتوقف عن القدوم إلى الخزانة. ويمكن أن تعطي وزارة الخزانة الأولوية لتلك الأموال لدفع الفائدة على الدين. ربما يتعين إغلاق بعض أجزاء الحكومة لبعض الوقت، لكن لن نضطر إلى التخلف عن سداد الديون”.
كما ويتصدر جدل آخر اجتماعات الكتل من كلا الحزبين، قائم على “تأويل”، نص التعديل الـ 14 للدستور الأميركي، الذي يقضي بعدم جواز “التشكيك في صحة الدين العام للولايات المتحدة”. وهذا ما يترتب عليه إشكالية قيام وزيرة الخزانة، جانيت يلين، بانتهاك القانون اذا لم تقم بإعطاء الأولوية لتسديد الديون. ويقول المحلل بول جيجوت، الذي استضافه البرنامج، “المقصود أنه إذا بدا ان هناك خطأ ما، فسيتعين عليها إعطاء الأولوية لتلك المدفوعات. الآن، لن يعترفوا بذلك لأنهم يريدون خلق نوع من الأزمة، لكنني أعتقد أن هذا أمر قد تضطر يلين إلى فعله إذا حدث ذلك”.
ثمة من يقول، ان مكارثي قد قدّم خلال خطابه ما لا يمكن تجاوزه على الصعيد الشعبي، خاصة عندما تطرق عن كيف ان لديهم 7400 دولار أقل بسبب التضخم منذ أن تولى بايدن منصبه. إضافة لتقديمه لإحصائية تشير إلى أنه من “المفترض أن ندفع 10.5 تريليون دولار فائدة على الديون على مدى السنوات العشر القادمة، وهو أكثر مما دفعناه من عام 1940 إلى اليوم خلال 80 عامًا. لذا فإن فكرة أن بايدن يمكنه فقط إرسال سقف دين نظيف وتوقع تمريره أو مجرد مطالبة يلين باحتجاز الدين رهينة ليست واقعية بناءً على صورة الميزانية الفيدرالية”.
ينقسم الجمهوريون حول تقدير خطة مكارثي، التي لم يوضح تفاصيلها. ويتركز الخلاف حول كيفية آلية ضبط النفقات، ما يجعل الخطة تقف أمام تحد تأمين الأصوات اللازمة لتمريرها. في الوقت عينه، يرى الديموقراطيون ملف سقف الديون، ككرة النار الملتهبة التي يتعيّن دراسة كيفية التعامل معها بأقل الخسائر وبالتوقيت المناسب، على أبواب المعركة الرئاسية المنتظرة.
الكاتب: مريم السبلاني
Discussion about this post