وجد العلماء أول مثال مسجل لجرح ضمد على جثة محنطة، ما قد يقدم مزيدا من التبصر في الممارسات الطبية القديمة.
وكشفت عمليات المسح عن مومياء طفلة دُفنت قبل ألفي عام بجرح مليء بالقيح في الساق.
وتقول الدراسة إن الطفلة، التي يتراوح عمرها ما بين 2.5 و4 سنوات، تقدم أول مثال معروف على الملابس المصرية القديمة الأصلية.
ويُعتقد أن الفتاة، التي صورت وهي ترتدي مجوهرات بسيطة وجدائل في شعرها، وكانت البنت الوسطى من بنات ألين الثلاث.
وتم التعرف على هذه المرأة من الطبقة الوسطى أو العليا، والتي سميت المقبرة باسمها، بفضل نقش يشير أيضا إلى أنها توفيت عن عمر يناهز 35 عاما.
وصورت ابنتها، إلى جانب 20 مومياء أخرى، بالأشعة السينية بواسطة خبراء مقيمين في ألمانيا كجزء من البحث عن أمثلة للعدوى القديمة.
وقال الفريق إن النتائج تقدم لمحة عن أمراض وعلاجات المصريين القدماء. وأجري التحقيق من قبل أخصائية الأشعة ستيفاني بانزر من Berufsgenossenschaftliche Unfallklinik Murnau وزملاؤها.
وأوضح العلماء في ورقتهم البحثية: “في مصر القديمة، كانت العدوى على الأرجح جانبا شائعا في الحياة اليومية والسبب الرئيسي للوفاة. ولطالما تم الاعتراف بالرضاعة والطفولة على أنها فترات حرجة من الإجهاد الفسيولوجي المتزايد ونسبة انتشار المرض والوفيات.
ومع ذلك، فإن الدليل العام على وجود عدوى في المومياوات القديمة محدود، خاصة في المومياوات الأطفال الأقل بحثا.
وأجرت البروفيسورة بانزر وزملاؤها مسحا مقطعيا لكامل الجسم لـ21 مومياء مصرية قديمة للأطفال كانت موجودة في مجموعات متاحف مختلفة في ألمانيا وإيطاليا وسويسرا.
وحددت عمليات المسح 11 ذكرا من الأطفال المحنطين و8 إناث واثنتين لم يتمكنوا من تحديد جنسهما.
وكشف التحليل عن علامات العدوى القيحية في ثلاث من مومياوات الأطفال البالغ عددها 21.
ووُجد أن إحدى المومياوات، وهي ابنة ألين المجهولة، لديها بنية تشبه الضمادة في أسفل ساقها اليسرى ويعتقد الفريق أنها تمثل إصابة بالجلد.
ونظرا لاكتشافها أسفل لفائف النسيج الخاصة بها، يُعتقد أن الضمادة أصلية وكان حجمها نحو 20 × 12 × 9 ملم.
وتقول عمليات المسح إنها وُضعت فوق كتل في الأنسجة الأساسية التي تتوافق مع القيح الجاف، ما يشير إلى أن الطفلة كانت تعاني إما من خراج أو التهاب النسيج الخلوي القيحي، وهو عدوى تصيب الطبقات الداخلية من الجلد.
وليس من الواضح سبب ترك الضمادة في مكانها على الجرح، لكن العلماء يشيرون إلى أن المحنطين ربما أرادوا أن يكون الجسد مهيأ جيدا قدر الإمكان للحياة بعد الموت.
وأوضح ألبرت زينك، مؤلف الورقة البحثية وأخصائي علم الأمراض في المعهد الإيطالي لدراسات المومياء، لموقع “بزنس إنسايدر”: “ربما حاولوا بطريقة ما مواصلة عملية الشفاء من أجل الحياة الآخرة”.
وأجرى الفريق أيضا مسحا ضوئيا لمومياء ابنة ألين الصغرى، والتي يُعتقد أنها كانت تبلغ من العمر 2-3 سنوات وقت الوفاة، ووجدوا دليلا على وجود قيح جاف داخل جزء من مفصل الورك الأيمن، والذي من المحتمل أن يكون ناتجا عن التهاب المفاصل الإنتاني.
والمومياء الأخيرة التي ظهرت عليها علامات العدوى كانت لطفل يبلغ من العمر 9-11 عاما من العصر البطلمي والروماني (305 ق.م – 641 م).
و أظهرت عمليات المسح وجود كتل جافة في الأجزاء السفلية من الجيوب الأنفية الفكية، والتي تقع أسفل الخدين على جانبي الأنف، ما يشير إلى أنه من المحتمل أن يكون مصابا بالتهاب الجيوب الأنفية القيحي, كما بدا أن الصبي يعاني من خراج مليء بالصديد، والذي نشأ إما في مؤخرة الفم أو في الحلق العلوي، لكنه وصل إلى مرحلة متقدمة من العدوى بحيث كان من المستحيل معرفة أي منها.
وخلص الفريق إلى أن “هذه الدراسة على ما يبدو هي الأولى التي تصف الهياكل المرئية إشعاعيا المتوافقة مع القيح الجاف في المومياوات المصرية القديمة”, وقد تكون هذه الحالات بمثابة نماذج لمزيد من التحقيق في علم الأمراض. وأشار الفريق إلى أن التحقيق ” أول من أظهر جسديا زيا مصريا قديما أصليا. ويساهم الدليل على الضمادة الأصلية في معرفتنا بالطب المصري القديم”.
Discussion about this post