كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مؤخراً، أنه قد أجرى منذ عام تقريباً، محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد في تشرين الأول / أكتوبر الماضي، في العاصمة الصربية بلغراد. مضيفاً خلال تصريح له، بأن روسيا تريد أن تجري تركيا اتصالات مع الحكومة السورية، وأنها اقترحت عقد لقاء بين الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، من دون أن يكشف رد بلاده على هذا المقترح.
وأضاف جاويش أوغلو، بأن هناك ضرورة لتحقيق المصالحة، ما بين من وصفهم بالمعارضة (أي المجموعات الإرهابية والانفصالية) والحكومة السورية بطريقة ما، مبينا أنه لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك. مشدداً على أنه يجب أن تكون هناك إرادة قوية لمنع انقسام سوريا، والإرادة التي يمكنها السيطرة على كل أراضي البلاد لا تقوم، إلا من خلال وحدة الصف على حد تعبيره.
غضب لأتباع تركيا
هذه التصريحات دفعت بأنصار وأعضاء المجموعات الإرهابية، الى تنظيم مظاهرات احتجاج ضد تركيا في منطقة شمال غربي سوريا، في مدن إدلب وبلدات الراعي ومارع والباب وأعزاز وجرابلس وسجو بريف حلب، إضافةً إلى مناطق تل أبيض وسلوك ورأس العين في الرقة والحسكة، معلنين رفضهم لأي “مصالحة” مع الدولة السورية. فقام بعضهم بنزع الأعلام التركية عن عواميد الإنارة، فيما منع أخرون دورية تركية من المرور بإحدى الطرقات الرئيسية في بلدة الراعي شمال حلب، حيث أشعلوا الإطارات وأغلقوا الطريق بالحجارة، مرددين شعارات رافضة لتصريحات جاويش أوغلو. كما أحرق بعضهم العلم التركي، وقاموا بشطب أسماء بعض المرافق التي تحمل أسماء تركية، في الكثير من المدن شمال حلب.
وفيما لم يصدر من الحكومة السورية أي تعليق رسمي على ما كشفه الوزير التركي، إلا أنها ما تزال تصف القوات التركية المتواجدة في تلك المنطقة بقوات الاحتلال، وتؤكد مصادرها أنه لن يكون هنالك حوار مباشر مع الحكومة التركية، قبل خروج قواتها من شمال وشمال شرقي البلاد. وهذا ما عبّر عنه مناصري الحكومة السورية، حينما شنوا انتقادات واسعة لسياسة تركيا في بلادهم، ورفضوا المصالحة معها لأنها بالنسبة لهم هي المسؤولة عن الدمار الذي لحق بالبلاد، نتيجة دعمها للفصائل الإرهابية وفي مقدمتها جبهة النصرة بقيادة أبو محمد الجولاني.
هذا وقد دعا بعضهم للخروج في مظاهرات اليوم الجمعة، في عموم هذه المناطق، للاحتجاج على تصريحات وزير الخارجية التركي.
وزارة الخارجية التركية تمسح ما قاله وزيرها
ردود الفعل السلبية هذه، دفعت أنقرة الى التراجع عن تصريحات جاويش أوغلو، من خلال بيان أصدره المتحدث باسم وزارة الخارجية تانجو بيلجيتش، الذي أكد فيه أن بلاده “ستواصل جهودها الحثيثة لإيجاد حل دائم للنزاع في سوريا عبر التعاون مع جميع الشركاء في المجتمع الدولي بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوري”، لافتاً إلى أن المسار السياسي لا يشهد تقدما بسبب ما وصفه بمماطلة “النظام السوري”، مدعياً أن هذا هو ما أشار إليه جاويش أوغلو في تصريحاته. مذكراً بأن بلاده هي من قامت بتقديم الدعم الكامل لمن وصفها بـ”المعارضة السورية “، بالإضافة الى تأسيس “اللجنة الدستورية” عبر مساري آستانة وجنيف.
Discussion about this post