يتصاعد التوتر ما بين تركيا واليونان، وأخرها تجدد الخلاف حول وضع جزر بحر إيجه. بحيث صعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد ما وصفه بأنه حشد عسكري يوناني متزايد، على جزر بحر ايجه القريبة من الساحل التركي، بحيث نشر اليونانيون مدرعات أمريكية الصنع في جزيرتي ساموس (التي تبعد حوالي 1,3 كيلومتر عن تركيا)، وليسبوس (التي تبعد 15 كيلومتراً عن سواحلها).
ووصف أردوغان هذه التحركات اليونانية بأنها استفزازات ولعبة خطرة عليها، مضيفاً بأن بلاده لن تتوانى إذا لزم الأمر في الدفاع عن حقوقها ومصالحها ضد اليونان بكافة الوسائل المتاحة. معتبراً أن لا الحشد العسكري ولا الدعم السياسي والاقتصادي كافيان لرفع اليونان إلى مستوى تركيا، لكنهما يكفيان لجرها إلى مستنقع.
ولا تقتصر الخلافات ما بين هذين البلدين على موضوع سلاح الجزر فقط، فعلى مدى العقود الطويلة الماضية، شاب الاضطراب العلاقات ما بين البلدين، بسبب العديد من الخلافات المزمنة بينهما، انطلاقاً من تسليح جزر بحر إيجه، مروراً بالمجال الجوي والحدود البحرية، وليس انتهاءً بالمسألة القبرصية، وغيرها. ووصل التوتر في بعض السنوات، إلى حافّة الصدام المسلّح، لولا تدخل بعض الدول خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تفرض عليهم تجنّب سيناريو الحرب، وحصر التوتر ضمن نطاق التصعيد السياسي، خصوصاً وأنهم عضوان في حلف شمال الأطلسي.
وفي هذا الصعيد، كان لافتاً تأكيد الإدارة الأمريكية مؤخراً، على سيادة اليونان للجزيرتين، حينما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، بأن سيادة اليونان على هاتين الجزيرتين ليست موضع شك. داعياً كافة الأطراف إلى تجنب الخطابات الرنانة وتجنب القيام بخطوات قد تزيد حدة التوترات. وهذا ما ردت عليه سلطات أنقرة عبر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو الذي قال بأن أمريكا تخلت عن سياسة الحياد والتوازن في قضيتي قبرص وبحر إيجه لصالح اليونان.
وبالرغم من ذلك، فإنه من المستبعد أن ينشب الخلاف العسكري ما بين البلدين للعديد من الأسباب أبرزها:
_الرغبة الأمريكية في تكريس جهودها وجهود دول حلف الناتو للصراع مع روسيا في أوكرانيا، وعدم الدخول في صراعات ثانوية لن تكون في مصلحتها. خاصةً وأن هذه المنطقة مهمة على صعيد الغذاء العالمي، لناحية توريد القمح الذي يذهب في غالبيته الى دول المعسكر الغربي.
_ الرغبة العميقة لتركيا في ضمان تحولها الى مركز العقد على صعيد توريد الغاز الى أوروبا، لا سيما خلال ما يعيشه العالم حالياً من أزمة طاقة جراء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
فما هي أسباب نزاع تركيا واليونان على هاتين الجزيرتين؟
_ تسبب هذه الجزر في تقزيم حدود أنقرة البحرية، وتعود هذه الأزمة إلى وقت الحرب العالمية الأولى بعد انهيار الدولة العثمانية عقب الحرب، وبالتالي انهيار المعاهدات الدولية التي تمنح المناطق التي كانت خاضعة للعثمانيين إلى قوى أوروبية أخرى.
_ تقع هذه الجزر اليونانية في موقع حساس بالنسبة لتركيا، حيث لا يفصل بينها وبين السواحل التركية المطلة على البحر المتوسط إلا ميل واحد فقط تقريبا. مما يعني أن الجزيرة تمنع تركيا من الحصول على منطقة اقتصادية بحرية أوسع، تسمح لها بالاستفادة من الحقوق الاقتصادية.
_ تقع جزر إيجه في منطقة جيوستراتيجية، حيث يتواجد موقعها بين اليونان وتركيا في حوض مائي بالجزء الشمالي للبحر الأبيض المتوسط، بحيث تشكل صلة وصل له بالبحر الأسود عبر بحر مرمرة.
وتخضع الجزر الآن لسيادة اليونان إبان اتفاقية لوزان، ما عدا جزيرتي بوزكادا وغوكتشة اللتان تخضعان لسيادة تركيا.
Discussion about this post