على مدار الصراع السوفياتي ـ الأميركي أو ما سمي بالحرب الباردة يومها، كان الأميركيون معنيين بالمحافظة على أكبر قدر من المكاسب، واستخدموا لذلك شتى الطرق. مع انهيار الاتحاد السوفياتي حاولوا الحصول على أكبر قدر من الولاءات من الجمهوريات المستقلة وكذلك استخدموا شتى الطرق، واحداها قلب الأنظمة لإيصال حكام اتباع أو دمى يحركونها متى شاؤوا.
في العام 2014 ومع انطلاق هجمات الثورات الملونة في العالم والتي موّلتها الإدارة الأميركية عبر أموال جورج سورس ومجموعاته للتدريب على قلب الأنظمة، كانت أوكرانيا أحد أكبر نماذجها، أما روسيا فكانت على موعد مع نقطة انطلاق الدفاع عن النفس ضد واحدة من أبرز هذه الهجمات.
تمكنت جمهورية القرم من الإفلات من سلسلة أوكرانيا الأميركية، وقررت الإبحار بعيداً في مركب الاستقلال، أجرت الاستفتاء وطالبت روسيا بإعادة وضعها على خارطة الجمهوريات الروسية.
مع تلقي أميركا للصفعة، بدأت “أم الإرهاب” تبحث عن طريقة أخرى لمحاصرة روسيا، فكان القرار بدفع أوروبا للبحث عن بدائل للغاز الروسي، وبدأت حفلة شيطنة النظام الروسي، ومقدراته، واقتصاده.
استدعيت انجيلا ميركل زعيمة أكبر اقتصادات أوروبا الى أميركا، وأجريت معها الكثير من الحوارات، وقامت كونداليز رايس بزيارة ألمانيا لمرات عدة وكل ذلك للعمل على عرقلة أي اتفاقيات أو لقاءات داخل البيت الأوروبي لا سيما مع صاحبة أكبر احتياطي غاز في العام وهو عمدة الوقود للصناعة والتدفئة في أوروبا.
غاز أميركا أو الموت برداً
منذ 2014 رسمت خطة تدمير السيل الشمالي. وفي هذه المقابلة التي سنعرضها نقلاً عن التلفزيون الالماني بالصوت والصورة والترجمة الحرفية سنكتشف سوياً حقيقة المخطط الأميركي، والتضليل الذي مارسته أميركا عبر رايس على الأوروبيين لجهة ضعف القدرات المالية الروسية، وكيف يمكن استغلال ذلك والانتقال بعيدا عن استخدام الغاز الروسي للاستفادة من غاز اميركا الشمالية!!
“ـ أتفهّم أنّ أحد التعقيدات هي أنّ الأوروبيين يعتمدون على الروس بشكل كبير في مجالَي موارد الطاقة والعلاقات التجارية، ولكن يجب عليهم أن يدركوا أنّه إذا أوقف بوتين ذلك الآن فسيجدون أنفسهم في صراع حقيقي مع روسيا.
ـ حسناً، ربّما لا يجب أن أنتقل إلى هذه الفكرة الآن، ولكن ألمانيا ستكون الدولة الأوروبية الأقوى على المستوى الاقتصادي. وُجّهت بعض الانتقادات إلى المستشارة أنجيلا ميركل وآخرين لأنهم لم يكونوا أشداء بما فيه الكفاية، ما رأيك بذلك؟ هل تظنين أن ألمانيا كانت متشددة كما يجب أن تكون؟
ـ أنا حقّاً معجبة بالمستشارة ميركل. وقد سمعت خطابها عندما التقت الرئيس أوباما في واشنطن. أعتقد أنه كان خطاباً جيّداً جداً، ولكننا الآن بحاجة إلى عقوبات أشدّ، وما أخشاه هو أن تطال هذه العقوبات النفط والغاز. والاقتصاد الروسي ضعيف لأن 80% من حجم الصادرات الروسية مرتبط بالنفط والغاز والمعادن. قد يقول الناس إنّ أوروبا ستنفد لديها مصادر الطاقة، ولكن الحقيقية هي أنّ روسيا سينفد لديها المال قبل أن تنفد أمصادر الطاقة في أوروبا. وأتفهّم أنّ هذا التأثير على العلاقات التجارية أمر مزعج، ولكنّ هذا إحدى الأدوات القليلة التي بحوزتنا على المدى الطويل. نريد ببساطة تغيير هيكلية الاعتماد على الطاقة. نريد الاعتماد أكثر على منصّة أميركا الشمالية للطاقة، وعلى الكميات الهائلة من النفط والغاز الذي نكتشفه في أميركا الشمالية. نريد إيجاد خطوط أنابيب لا تمرّ من أوكرانيا ولا من روسيا. وقد حاولنا على مدى سنوات جذب اهتمام الأوروبيين بخطوط أنابيب أخرى. ولقد حان الوقت للقيام بذلك، وذلك ببساطة يكون من خلال بدء العمل، والعمل بأسرع ما يمكن.”
بعد ما تقدم لا يمكن الحديث عن خيارات في مواجهة هذا التضليل، وهذا الكذب، بل إرهاب الدولة هذا ضد الحلفاء الاوروبيين. وهل يمكن تصور سبب آخر لتفجير خط أنابيب السيل الشمالي الممتد الى اوروبا غير إرغام الأوروبيين على القبول بالعروض الاميركية فقط وفقط؟
أميركا أم الإرهاب شعار لطالما رفعه الإمام الخميني (قده)، وفي كل يوم تثبت تلك النظرية التي كانت مصاديقها أكبر من أن تعد وأن تحصى في بلادنا، لكن اليوم جاء دور أوروبا لتكتشف هذا الإرهاب.. فهل سيستفيقون أم “على قلوب أقفالها..؟”.
Discussion about this post