قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أمس السبت، إنّ “لبنان في معركة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، التي بدأت مع وصول السفينة اليونانية وانتهت بتسليم الوثائق في الناقورة، حصل على كل ما أراده، باستثناء أمر واحد بقي عالقاً”.
ووصف السيد نصر الله خلال خطابٍ متلفز، نتيجة المفاوضات البحرية غير المباشرة بأنّها “نتيجة مهمة وانتصار تاريخي وكبير”، موضحاً أنّ “مربّعاً صغيراً بقي عالقاً مساحته 2.5 كلم، ولبنان مصرّ على أنّها منطقة محتلة ويجب تحريرها”.
وأكّد أنّ “المقاومة والتهديد بالحرب كانا عاملين حاسمين في إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية”، مضيفاً: “كدنا أن نصل إلى الحرب قبل التوصل إلى اتفاق”.
ولفت إلى أنّ “كل الذي حصل لم يقدّم فيه لبنان أي ضمانات أمنية، ولو كانت هناك ضمانات أمنية تحت الطاولة لكان لابيد وغيره أظهروها لجمهورهم لأنّهم بحاجة إلى ذلك”.
ما هي الإنجازات التي حقّقها لبنان في اتفاق ترسيم الحدود البحرية؟
وفنّد السيد نصر الله الإنجازات التي تمكن لبنان من تحقيقها من خلال اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع “إسرائيل”، موضحاً أنّه “أولاً، لبنان رفض خط 1 الإسرائيلي، ورفض خط هوف، وتحمّل كل المخاطر وضغط الوقت والزمن وأصرّ على الخط 23 وعلى البلوكات كاملةً، لا بل أكثر من ذلك”.
وتابع أنّ الإنجاز الثاني هو “إصرار لبنان على حصوله على البلوكات كاملةً، لا تبادل ولا تعديل ولا أي شيء، أي كل البلوكات 8 و9 و10 المرسمة من قبل الدولة اللبنانية، تم الحصول عليها بالكامل”.
وبيّن أنّ “الإنجاز الثالث، هو حصول لبنان على كامل حقل قانا، من دون أي التزام من الجهة اللبنانية ولا تقديم تعويض ولا أي شيء، وذلك من موقع القوة، وهناك التزام من العدو بعدم القيام بأي نشاط باتجاه الجزء من حقل قانا الواقع جنوب خط الـ 23”.
وذكر أنّ “الإنجاز الرابع هو على درجة عالية من الأهمية، وهو رفع المنع عن الشركات التي التزمت بالعمل في البلوكات، إذ لا يستطيع العدو الإسرائيلي أن يهددها أو أن يطلق عليها النار ولا أن يمنعها على الإطلاق بحسب الاتفاق”، مضيفاً أنّه “أيضاً، رُفع المنع الأميركي والغربي في سياق الحصار المفروض على لبنان، لا بل التزموا بتشجيع الشركات على التنقيب واستخراج الغاز”.
وأشار السيد نصر الله إلى إنجاز خامس وهو أنّه “حتى في المساحة مع قبرص، فإنّ حصة لبنان من المنطقة الاقتصادية الخالصة ستتوسع بعد هذا الترسيم”.
وشدّد على أنّ “العدو الإسرائيلي اعترف بتوازن الردع مع المقاومة نتيجة ما جرى في ملف ترسيم الحدود البحرية”، مؤكّداً أنّ “لا شبهة تطبيع أو اعتراف بالعدو الإسرائيلي بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية”.
وبالحديث عن الظروف التي ساعدت على إنجاز الاتفاق، أوضح السيد نصر الله أنّ “المقاومة البطولية في الضفة الغربية، ساعدت في تحقيق هذا الاتفاق”، وأيضاً ” وضع الكيان وضعفه وانشغاله في الداخل من جملة الظروف التي ساعدت في هذا الإنجاز”.
وشدّد على أنّ “العدو الإسرائيلي ليس جاهزاً للدخول في حرب بسبب الانقسامات الداخلية التي يعيشها”، لافتاً إلى أنّ “لبنان التقط الظروف التاريخية الحالية لإنجاز اتفاق الترسيم”.
وتابع: “لبنان الرسمي والمقاوم والناس استغلوا هذه اللحظة التاريخية وتصرفوا على أساسها”.
وبحسب السيد نصر الله، فإنّ “الموقف الرسمي ساهم مع تهديد المقاومة وجاهزيتها وإرسال المسيرات والدعم الشعبي في إنجاز اتفاق الترسيم”، معتبراً أنّ “من نتائج الحصار الأميركي المفروض على لبنان، بات الشعب اللبناني متقبلاً لاتخاذ خيارات عالية لاستعادة الثروة النفطية حتى لو وصلنا إلى الحرب”.
السيد نصر الله يسرد المراحل التي مرّ بها لبنان بشأن ترسيم الحدود منذ سنوات
السيّد نصر الله سرد وقائع المراحل التي مرّ بها لبنان في السنوات الماضية بشأن ترسيم الحدود إلى حين توقيع اتفاق الترسيم، موضحاً أنّه “بعد الكلام منذ سنوات عن وجود النفط والغاز، أصبح لبنان بحاجة إلى ترسيم الحدود البحرية”، لافتاً إلى أنّ “الحدود البرية بين فلسطين المحتلة ولبنان رسمها الانتداب الفرنسي والبريطاني، ولكن لم يتم ترسيم حدود بحرية”.
وبيّن أنّه “على ضوء تحديد الحدود البحرية، يحدّد لبنان بلوكات الغاز والنفط”، مشيراً إلى وجود “شيء اسمه المياه الإقليمية ولها آلية حساب، وهناك المياه المتاخمة، وبعدها هناك جزء اسمه المنطقة الاقتصادية الخالصة”.
وفسّر السيد نصر الله أنّ “المياه الإقليمية هي جزء من الدولة، والدولة اللبنانية لها سيادة كاملة على هذه المياه، ولها أن تستفيد من ثرواتها وخيراتها”.
وذكر أنّ “الخط 23 يفرض على لبنان تحرير تلك المنطقة البحرية تحت عنوان مياه إقليمية ومنطقة اقتصادية وهي قضية وطنية”، موضحاً أنّ “الدولة اللبنانية عدّت الخط 23 حدوداً بحرية، وتركت الباب مفتوحاً للتعديل”.
وتابع: “قلنا ونقول إنّ المقاومة لا تتدخل في ترسيم الحدود لأسباب كثيرة، وإنّما نقول ما تعدّه الدولة للبنان نحن نلتزم به”، مضيفاً أنّ “الذين يتحدثون عن الخط 29 كان عليهم أن يتحركوا عام 2011 عندما صدر مرسوم الخط 23”.
وأردف السيد نصر الله: “أقول للذين ينتقدون بشأن الخط 29، واصلوا نضالكم، ولكن من دون لغة التخوين وغيرها”.
وبحسب السيد نصر الله، فإنّ “العدو رسم الخط 1 من الناقورة، واعتبر المنطقة البحرية له، ومنع أي أحد من الاكتشاف والاستخراج في كل المنطقة، فيما كان لبنان قد قال سابقاً إنّ له حقوقاً في تلك المنطقة”.
ولفت إلى أنّه “كان هناك منع أميركي من الاكتشاف والاستخراج في سياق الحصار المفروض على لبنان والضغط على الدولة اللبنانية للتنازل عن الحدود والقبول بالخط رقم 1″، مؤكّداً أنّ “الشركات التي تعهدت في السنوات الماضية قبل الترسيم، العمل في البلوكات الجنوبية قامت أميركا بمنعها”.
وأضاف: “تسلط العدو على هذه المنطقة، وهيمن على منطقة البلوكات الحدودية، وادعى أنّها له وضمن حدوده البحرية ومياهه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة”.
وقال السيد نصر الله إنّه “بحسب الرقم المتداول، فإنّ المنطقة بين الخط رقم 1 والخط 23 مساحتها 879 كليومتراً مربعاً”.
وذكّر بأنّ “الوسيط الأول فريدريك هوف، طرح خطاً وعدّه تسويةً ما بين الخط 1 الذي يدّعيه العدو والخط 23، وأعطى 45% للعدو من هذه المساحة، فيما أعطى 55% للبنان”، مشدداً على أنّ “ذلك كان مجحفاً جداً للبنان”.
وأفاد بأنّ “الأميركيين مارسوا الضغط على الجميع، لكنّ الموقف اللبناني الرسمي بقي رافضاً لخط هوف”.
ولفت إلى أنّ “رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال كل هذه المفاوضات لم يقدم أي تنازل، وتحمّل عبء كل هذه المرحلة إلى أن وصلنا إلى مرحلة أعلن فيها انتهاء مسؤوليته المباشرة بالإعلان عن اتفاق الإطار”.
وتابع: “بحسب اتفاق الإطار، تم تشكيل وفد لبناني ووفود أخرى من جهات أخرى وإجراء لقاءات برعاية الأمم المتحدة”، مشيراً إلى أنّ “مسؤولية المتابعة انتقلت من دولة الرئيس بري إلى فخامة الرئيس ميشال عون بعد 22 أيلول/سبتمبر 2020”.
ووفقاً للسيد نصر الله، فإنّ “الملف انتقل من يدٍ أمينة إلى يدٍ أمينة، ومن رجلٍ صلب إلى رجل صلبٍ مشهود لهما”.
بدء مرحلة جديدة بالكامل بشأن ترسيم الحدود البحرية
وذكر السيد نصر الله أنّه “بعد تبدّل الإدارة الأميركية، تم تكليف الوسيط الأميركي آموس هوكستين وقدّم طرحاً جديداً متقدماً عن طرح هوف، ولكن لا يستجيب للمطالب اللبنانية، وهنا بدأت تحولات في المنطقة والعالم”.
وأضاف أنّه “في هذه المرحلة، أتت سفينة إلى حقل كاريش لتبدأ استخراج النفط والغاز، وهنا بدأت مرحلة جديدة بالكامل”، مذكّراً بأنّ “المقاومة أخذت موقفاً متقدماً بأنّها لن تسمح للإسرائيلي باستخراج النفط من كاريش قبل اتفاق يستجيب لمطالب لبنان”.
وتابع أنّه “بالنسبة إلى الصهيوني، كان أمراً مفاجئاً عندما أعلنت المقاومة أنّها لن تسمح باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش قبل الوصول إلى اتفاق من خلال المفاوضات غير المباشرة التي تستجيب للمطالب اللبنانية”.
وقال السيد نصر الله إنّه “بناءً على هذا التهديد، أصبحنا أمام مرحلة جديدة بالكامل، وهذا يعني وضعنا لمعادلة ما بعد بعد كاريش وكل المنشآت الموجودة التي تطالها صواريخ المقاومة الإسلامية في لبنان”.
وأكّد أنّ “الموقف اللبناني الرسمي الموحد والقوي والتهديد من قبل المقاومة أدّيا عملياً إلى وضع إسرائيل تحت ضغط شديد”، لافتاً إلى أنّ “الإسرائيلي لم تكن لديه القدرة على الذهاب إلى الحرب ولا إلغاء كاريش، فكان الحل الوحيد الذهاب إلى المفاوضات غير المباشرة”.
وبحسب السيد نصر الله، فإنّ “المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية اللبنانية لم تكن سهلة أبداً حتى توقيع الاتفاق الأخير”، مضيفاً أنّه “كان هناك مشكل كبير حول حقل قانا بإدارته وحق لبنان، وكان الأميركي يريد أن يأخذ اللبناني إلى التوريط بالتطبيع”.
وقال إنّ “المفاوضات وصلت في بعض الليالي إلى طريق مسدود، وكدنا نذهب إلى حرب”، لكنّ “صلابة وصمود المفاوض اللبناني والرؤساء كان أساسياً جداً في عملية التفاوض، وبالتزامن أطلق العدو تهديدات بالتدمير، والضغط الأميركي بالقبول بتسويات غير مناسبة للبنان”.
وأضاف: “أطلقنا المسيرات، والمعطيات الميدانية كانت تؤكّد أنّ المقاومة تتجهز لحرب شاملة، والإسرائيلي أدرك ذلك”.
وأكّد أنّ “لبنان كان قوياً فاستخدم كل القوة، وشجاعاً لأنّه لم يخف من الضغوط الأميركية والضغوط الصهيونية، وبأن يذهب إلى الحرب، مشيراً إلى أنّ “الموقف الرسمي تبنّى تهديد المقاومة، وكان حكيماً من خلال كل عملية التفاوض والإدارة السياسية والميدانية”.
وتابع: “لم نذهب إلى الممارسات الخاطئة وكل التصرف كان على مستوى القدر المطلوب والنتيجة المطلوبة”، مشدداً على أنّه “عندما تقتضي المصالح الوطنية الكبرى تجاوز قواعد الاشتباك فالمقاومة لن تتردد لو اقتضى ذلك الذهاب إلى حرب”.
وأكّد السيد نصر الله أنّه “لن يستطيع أحد استخراج الغاز إذا مُنع لبنان من استخراج غازه”.
ويأتي كلام السيد نصر الله عقب إتمام اتفاقية ترسيم الحدود البحرية اللبنانية بعد مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، جرت بوساطة أميركية.
وكان السيد نصر الله أكّد، في وقتٍ سابق، أنّ “تجربة ملف ترسيم الحدود كانت تجربة غنية ومهمة جداً، على مستويَي لبنان والمقاومة، وتستحقّ التوقف عندها ملياً”، معلناً “انتهاء كل التدابير الخاصة التي أعلنتها المقاومة بعد أن استكملنا الوثائق المتعلقة بملف ترسيم الحدود”.
وقال السيد نصر الله، إنّ “ما جرى هو انتصار كبير للبنان، دولةً وشعباً ومقاومةً. ووقائع توقيع ترسيم الحدود، من ناحية الشكل، تؤكد أن أي حديث عن التطبيع لا أساس له، وهو تَجَنٍّ”.
السيد نصر الله: المتربصون بإيران سيصابون بالخيبة
وبخصوص التشييع الحاشد والمهيب في إيران لشهداء هجوم شيراز الإرهابي، اعتبر السيد نصر الله أنّ “التشييع الحاشد والكبير للشهداء المظلومين في إيران هو رسالة قوية لكل المتآمرين بأنّهم يراهنون على سراب”.
وأضاف أنّ “الحضور الكبير في التشييع الحاشد في إيران هو رد حاسم على المشاركين والمخططين للفتنة”، مؤكّداً على أنّ “المتربصين بإيران سيصابون بالخيبة”.
السيد نصر الله: الشهيد الشقاقي أطلق أفقاً جديداً للمقاومة
وبمناسبة ذكرى اغتيال مؤسس حركة الجهاد الإسلامي، الشهيد فتحي الشقاقي، أكّد السيد نصر الله أنّ “القائد الشهيد الشقاقي أطلق أفقاً جديداً للمقاومة ولشعب فلسطين”.
وشدّد على أنّ “الشهيد الشقاقي أعطى قضية فلسطين بعداً عربياً قومياً وإسلامياً وعالمياً”، مشيراً إلى أنّ “حركة الجهاد الإسلامي التي أسسها الشهيد الشقاقي لم تنكسر، وأصبحت اليوم في عداد الفصائل الطليعية وتصنع المعادلات”.
Discussion about this post