تعيش ليبيا الى اليوم آثار وكوارث ناجمة عن تدخل الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في شؤونها الداخلية، منذ لحظة إسقاط نظام الرئيس معمر القذافي في العام 2011 عبر قصف البلاد من قبل طائرات حلف الناتو.
فالفوضى السياسية والحروب بين الليبيين والفقر وإنتشار الإرهاب والجماعات المسلحة وتعاقب حكومات مؤقتة فاسدة، أوصلت البلاد الى حالة الفشل والضياع أمام أعين الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية والغرب.
واليوم تجدد السفارة الأميركية لدى ليبيا، تأكيدها أنها تقف مع الشعب الليبي في جهود مقاومة التدخل الخارجي، وتدعم مساعيه من أجل استعادة السيادة الكاملة، انطلاقاً من مبادئ الولايات المتحدة المنصوص عليها في دستورها.
حيث قالت السفارة: “ينبثق التزام الولايات المتحدة بدعم تطلعات الشعب الليبي الديمقراطية من تجربتنا الخاصة في مقاومة التدخل الخارجي. ونريد الشيء نفسه للشعب الليبي ونقف معه في دعواته لتحقيق الوحدة الوطنية، والاستعادة الكاملة للسيادة، والتنمية العادلة. وهو ما تعتمد عليه استراتيجيتنا العشرية لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار”.
كلام رائع لكنه بلا وزن أو معنى، فقد إكتوى الشعب الليبي لأكثر من عقد من الزمن من نار ديموقراطية الولايات المتحدة وأهدافها الأبدية في إستعمار الشعوب ونهب مواردها والقضاء على مستقبلها.
فإستراتيجية واشنطن التي تغنت بها السفارة مبنية، بحسب الخبراء في الشأن الليبي، على إدامة حالة الفوضى والصراع من أجل مواصلة سحب موارد البلاد من نفط وغاز دون رقيب أو حسيب، وتحييد جميع من يقف في طريقها سواء من القوى الداخلية أو العالمية.
وهذا ما تؤكده تصرفات الإدارة الأمريكية تجاه الملف الليبي وتأييدها لمبادرات ناقصة وفارغة وممارستها الضغوط على شخصيات وطنية رافضة لهيمنتها بهدف إجبارها على تنفيذ ما تراه واشنطن مناسباً لليبيا.
إذ مع الشكوك التي تدور حول مبادرة مبعوث الأمم المتحدة الى ليبيا عبدالله باتيلي والقاضية بإجراء انتخابات قبل نهاية العام الجاري بسبب عدم تهيئة أبسط الظروف المناسبة لكهذا إستحقاق هام، لا يزال المسؤولون الأمريكيون يصولون ويجولون في ليبيا وجوارها لفرضها.
وفي السياق، أفاد السياسي والسفير السابق رمضان البحباح بوجود أنباء متداولة عن 890 ألف رقم وطني مزور حسب تصريح للنائب العام. وهو ما يُعتبر بأن كل ما يدور وما يروّج له في ليبيا مزور، سواء في صرف المرتبات والميزانيات والتحويلات والاعتمادات المالية، وعبارة عن عبث، وأن ما يسمى بكذبة الانتخابات التي يُروج لها، ستُفضي بالتأكيد إلى نتيجة مزورة.
وتساءل البحباح عن الجهة المسؤولة عن ممارسة ما وصفها بالجريمة الشنيعة، التي عبثت بمصير ومستقبل الوطن والمواطن الليبي، وماذا ستكون العقوبة ومن سيقررها، وما إذا تُوجد مادة في القانون الليبي رادعة تحاسب على مثل هذا الجرم.
وبنظر الخبراء، فإن ما أشار اليه البحباح هو مؤامرة أمريكية صرفة بأيادي ليبية فاسدة وغير مسؤولة، وهو نتيجة لغياب الضمير الوطني ولأنانية المتحكمين في مؤسسات الدولة.
والتعويل يأتي هنا على الشرفاء الوطنيين من الليبيين ومن الدول الصديقة لليبيا من أجل إخراجها من محنتها وصد المشروع الأمريكي الذي ضيّع الى الآن أكثر من عشر سنين من حياة الشعب الليبي وأحقيته بالعيش في دولة مستقلة موحدة تنعم بخيرات أرضها.
Discussion about this post