٢/٣
سورية ؛ طفح الكيل… هل من معجزة؟؟ الانفراج اسرع او الانفجار؟؟ وماذا عن الحرب؟
بيروت؛ ٢٤-٧-٢٠٢٣
ميخائيل عوض
من يسبق الانفراج ام الانفجار؟؟
يقول المثل السوري؛ اشتدي ازمه تنفرجي، واخر الليل احلكه وما ان تنطق بهذا حتى يتبارى الحضور بتصحيح المثل؛ اشتدي ازمة تنفجري؟؟ فلمن تكون الغلبة للانفراج ام للانفجار..؟؟
لا يخفى عليك ما تبطنه الابتسامات الحزينة التي لا تفارق ثغر السورين، فجرأة النقد والاتهامات تبدو لك مشفوعة بعتب عميق، وبرهاب ان ينكسر الامل، الباقي لهم.
فالغريق يتعلق بحبال الهوى، ويرددون؛ لابد من انفراج فسورية الله حاميها.
فرهان السورين وهم في هذه الشدة على الرئيس وحده ويحدوهم الامل، ويصبرون بانتظار ما سيفعله الرئيس ويتوقعون خطوات مفاجئة وعميقة تخرجهم من اليم العميق.
يسرون لك ؛ بانه من غير المنطقي ان العقل والارادة التي قادت سورية في الحرب العالمية العظمى ونجت بها من غير المنطقي الا يكون مطلعا وعارفا بالحالة، وبالا يكون قد احكم رؤيته ويتحضر لإطلاق استراتيجية احتواء الازمة تمهيدا للنهوض وتمكين سورية من دور ريادي في اعادة تشكيل العرب والاقليم …
تسأل؛ من اين لكم هذه الثقة والامل؟؟ الاشبه بالقناعة الراسخة؟؟
يأتيك الجواب؛ من التجربة، وما اثبتته من ان العقل القيادي في سورية فذ، واستراتيجي، وعارف بدقائق الامور وما هو جار وما سيكون.
القائد هو من يتصرف بالوقت المناسب ليكون الاتي في صالح مشروعه، ولأنه القائد لا يعلن ما يبطنه ولا يتخذ قراره الا في الوقت المناسب….
فالرئيس كرس قاعدة الحوار المجتمعي، التي شكلت تجربة نموذجيه فريدة وغير مسبوقة من الرؤساء، فقد عقد شخصيا اكثر من ١٥٠٠ ساعة حوار مع كل فئات الشعب السوري ومن كافة المناطق عندما بدأت الازمة ووقف على ادق التفاصيل وذكر في خطابه على مدرج جامعة دمشق، ما تعرف عليه من ازمات ومشكلات بصراحة ولم يخفي الامور او يتجاهلها، ودأب على الوفاء بقسمه الاول؛ سأبقى معكم وبينكم مواطنا عربيا سوريا وضل برغم المخاطر الامنية يقوم بزيارات لمواقع المقاتلين في الجبهات ومع عائلته الى بيوت المواطنين يشاركونهم الهموم والغذاء، ويصغي للناس باهتمام شديد وليس ما يمنعه من قيادة ورشة حوار وطني مجتمعي كما فعل في بداية الازمة.
في السنوات الاولى للحرب وقع تشكيك وسادت اجواء نقمة واستعجال للإجراءات وطال التشكيك بكل شيء ولم يوفر القيادة، وقيل الكثير في نقدها. ثم جاءت النتائج وكشفت عن القدرات الاستثنائية للشعب والجيش والرئيس وسارت الامور على ما يحقق مصالح سورية.
هل تملك سورية القدرات والشروط لاحتواء الازمة والشروع بمعالجتها والاستعداد لتحقيق قفزات في مكانتها؟
موضوعيا وبالفرص المتوفرة وبالإمكانات العملية الكامنة الجواب بنعم وبكل تأكيد؟؟
ماذا تنتظر القيادة ومتى تطلق صفارة العمل للعلاج والتغيير…..؟؟
يتسقط المتفائلون كل شاردة وواردة وينفخون بكل ارهاص فتوقهم للخلاص ضاغط، وبعض الاخبار والتسريبات تتحدث عن ان تغيرا جوهريا قادما واول غيثه مؤتمرات الفروع لحزب البعث، وانعقاد اجتماع القيادة المركزية واطلاق دورة التحضير للمؤتمر العام.
ويتم التداول بان دعوة وجهت لانعقاد دورة لمجلس الشعب لطرح الازمة الاقتصادية والاجتماعية والبحث في اليات تامين السيطرة عليها، ما يذكر ايضا بان اول خطاب للرئيس بعد بدء الاضطرابات كان في مجلس الشعب وفيه حدد الاولويات وعرض استراتيجية المواجهة.
فأدوات التغير ومؤشراته تبدا من الحزب، ومن مجلس الشعب، المؤسستين اللتين يتعامل معهما الرئيس انهما الاساس في عدة المواجهة .
هكذا جرت الامور منذ مؤتمر الحزب عام ال٢٠٠٠ وعندما قرر التغيير في الحزب والدولة بعد الخروج من لبنان ٢٠٠٥، وكان اول خطاباته في ال٢٠١١ في مجلس الشعب.
التغيير المطلوب يستلزم ثورة من فوق- بالتعريف السوري “حركة تصحيحية” الثورة بكل معاني الكلمة، فالظروف والبيئات والحاجات والأزمنة تغيرت حديا، والدولة واجهزتها واعبائها وتقادم هيكلياتها وبيروقراطيتها وعناصرها اغرقت في التقليدية والتقادم، والجهود الاستثنائية ومحاولات الاصلاح الاداري والاقتصادي والتنمية البشرية استهلكت بلا اي نتيجة يعتد بها، وعندما تفشل محاولات الاصلاح تستحق مهمة التغيير.
الحاجة للتغير الجذري والتطوير ملحة جدا وقد فرضت الحرب نفسها بنتائجها الكارثية وما احدثته من تغيرات هيكلية وبنيوية في المجتمع والاقتصاد، ووظائف الدولة، وغيرت جوهريا فيما كان وتستوجب مساراتها ونتائجها وعصف الازمة الاجتماعية والاقتصادية من جرائها وبنتائج الحصار الجائر وعدوان العقوبات وظلم ذوي القربى بالتفاعل مع الجاري في العالم والمحقق في ثورة التقانة والتواصل والذكاء الصناعي، ودنو حقبة الادارة الشبكية واللامركزية الادارية. وما تستوجبه حقائق الأزمنة وحاجاتها وموجبات الجغرافية والجيوبولتيك، وما يتطلبه الدور الريادي المرتقب لسورية في عربها واقليمها تجعل من الحركة التصحيحية مهمة مستحقة، قد لا تقبل التأجيل والاطالة.
كل ما جرى وما هو جار وما تستلزمه حقائق وحاجات المستقبل تفرض الحاجة لثورة نوعية في سورية وعلى قواعد ثوراتها من فوق، وتتحقق لها عناصر الثورة الظافرة وتتجسد بثلاثيتها الذهبية؛ الشعب والجيش والقائد وهي التي حفظت سورية وامنتها ومكنتها ومازالت فاعلة وقادرة على حماية وحمل مشروع التغير الجذري وانفاذه باقل قدر من المخاطر والنتائج السلبية.
فكل تغير وكل ثورة عاشتها سورية منذ بدء تاريخها كبداية للتاريخ البشري كانت من فوق، فكيف والفوق اليوم متفوق ومشهود له وقد انتزع الاقرار بقدراته الفذة من الاعداء قبل الاصدقاء وتربع على عرش قلوب السورين ويستمر الامل الباقي.
الخطط والرؤية لإطلاق مرحلة الانفراجات لابد انها حاضرة واللحظة المناسبة تقترب وفي عادات السوري الموروثة انه لا يستعجل الامور ولا يستطيب الفاكهة الا في موسمها وعندما تنضج.
وقد لا تكون مصادفة ان الايام الجارية هي ايام الحر الشديد، لانضاج المواسم قبل دنو الخريف وقد يكون الشتاء قاس كقساوة الحر.
الاجراءات الحافزة للانفراجات المرتقبة ازف موعدها ولا بد ان تسبق ايلول او تستعجلها توترات اجتماعية واحداث من المرجح ان يكون ايلول -تشرين مسرحها وقد تتسبب بها حوادث وامور صغيرة وشرارات عابرات كحرائق الغابات.
لماذا ايلول؟ لأنه شهر التوترات الاجتماعية والمطلبية.
ايلول شهر المونة والمدارس وعودة الاسر من الارياف الى المدن وشهر التحضير لفصل الشتاء، تبلغ فيه الارواح الحناجر مع اشتداد الازمة وتحليق سعر الدولار غير المبرر اقتصاديا وماليا، مع توافد عشرات الاف المغتربين والسواح وتحويلات المغتربين لذويهم ما يوفر اسباب لاستقرار سعره كما جرى في بيروت وهي على مرمى حجر من الشام التي لم يستقر دولارها على سعر بينما استقر في بيروت المأزومة حتى الثمالة.
لا سبيل لسورية الا الانفراج فلا زمن او بيئات للانفجار العاتي ولحريق يلتهم ما تبقى…
غدا عن احتمالات الانفجار والحرب…
…/ يتبع
Discussion about this post