يسير لبنان بخطى ثابتة نحو اتفاق غير مباشر لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، بما يضمن له السير نحو بدء التنقيب عن الغاز ودخول نادي الدول صاحبة الاحتياطات من الغاز والنفط.
لا شك بأنَّ ما يحصل هو حدث تاريخي لا يمكننا إلا التوقف عنده والتمعن بأبعاده وتحديدًا الاقتصادية والسياسية.
لكن قبل الغوص في التفاصيل الاقتصادية والسياسية، لا بد من التوقف عند ما حققته المقاومة في فرض معادلات جديدة، وهي:
١- فرض على الأميركيين تقديم مسودة الترسيم النهائية قبل بداية انتخابات الكنيست لدى العدو الاسرائيلي.
٢- فرض التنقيب على الشركات المنضوية ضمن كونسورتيوم الشركات المؤهلة للتنقيب في المياه الاقليمية اللبنانية.
٣- تثبيت أنَّ معادلة الجيش والشعب والمقاومة لها أثر رئيسي في تحقيق الانتصار للبنان، فالجيش لديه تقنياته الفنية العالية، وشعب المقاومة بجميع أطيافه حاضن لمقاومته، بالإضافة الى قوة المقاومة العسكرية والتي أثبتت أن العدو المغتصب للاراضي المحتلة لا يفهم سوى لغة القوة، لتكون قوة الترسيم اليوم في لبنان بمقاومته.
أمام هذه المعادلات التي فرضتها المقاومة، نتائج كبيرة وواعدة ستتحقق على المستويين السياسي والاقتصادي:
على المستوى السياسي يعيش لبنان في مرحلة مفصلية تتمثل بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية خلفًا لفخامة رئيس الجمهورية ميشال عون. وهنا لا بد من التوقف عند انتصار المقاومة في فرض معادلاتها للتأكيد أنَّ لبنان لا يمكن أن يترأسه رئيس معادٍ للمقاومة، ولا يمكن التخلي يومًا ما عن معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
أما على المستوى الاقتصادي، فلا شك بأن الحصار الاقتصادي المفروض على لبنان وآثاره على المواطن اللبناني ستتلاشى بشكل تدريجي. لكن، ومن أجل بناء بنية سليمة منذ البداية، يجب أن يكون هناك رؤية وطنية شاملة ومترابطة بين الماضي، والحاضر والمستقبل، للواقع المالي في لبنان، وتأثيره على الواقع الاقتصادي، انطلاقًا من المبادئ التالية:
١- لا يمكن الذهاب نحو سياسة مالية جديدة دون تحديد مصير الواقع المالي الحالي وما حمله من الماضي القريب والبعيد. من هنا لا بد من عدم السماح بتحميل أعباء الانهيار المالي للعائدات المالية التي ستأتي من الثروة النفطية، ويجب السير بتدقيق جنائي مالي يحدد المسؤولية بموضوع الانهيار المالي.
٢- توزيع متوازن للثروة وتركيزها في الشق الإنمائي من خلال تطبيق لا مركزية موسعة ترتكز على إدارات محلية مقسمة على أساس جغرافي وليس طائفيا.
٣- عدم إدخال لبنان في أي برنامج دولي للاقراض كصندوق النقد طالما أن المستقبل القريب واعد، والتوجه نحو الدول الصديقة للبنان والمهتمة بالاستثمار فيه على مختلف الصعد لبداية الخروج من الأزمة المالية.
٤- وضع جدول مالي واضح لاعادة أموال المودعين كمدخل إلى تطوير الاستثمارات الداخلية وتحريك العجلة الاقتصادية في الداخل اللبناني.
هذه النقاط الرئيسية يجب أن تكون مدخلًا رئيسيًا نحو عودة لبنان للتعافي انطلاقًا من نجاح التقدم في ملف الترسيم، والسير بلبنان نحو اقتصاد جديد.
Discussion about this post